أصر في كتاب إفاضة الغدير في حرمة العصير في تأييد القول الأول من أرادها فليراجعها.
أقول لا وجه لاختصاص مفهوم الخمر بما يتخذ من العنب بل هو شامل لجميع الخمور ما كان دائرا ومعمولا في عصر النزول وما حدث في القرون الأخيرة. نعم يمكن جريان هذا النزاع بالنسبة الى بعض الأنبذة التي لها اسم خاص وعنوان خاص مثل الفقاع وأمثاله فلا بد في إلحاقه بالخمر نوع من الملاك كما ورد انهما خمر استصغرها الناس وقيل أن السكر فيه خفيف.
قوله تعالى (رِجْسٌ) استند القائلون بنجاسة الخمر على ان الرجس في اللغة بمعنى النجس كما في التبيان ومجمع البيان وكنز العرفان قال في التباين وفي الآية دلالة على تحريم هذه الأشياء الأربعة من أربعة أوجه أحدها انه وصفها بأنها رجس والرجس النجس والنجس محرم بلا خلاف وقريب منه عبارة المجمع وزاد في كنز العرفان لترادفهما ولذا يؤكد الرجس بالنجس فيقال رجس نجس. بل يستعمل الرجس على الأغلب في القذارات المعنوية مثل الكفر.
أقول الرجس ليس بمعنى النجس وعن القاموس ان الرجس هو القذر والمأثم وكل ما استقذر عن العمل والعمل المؤدي إلى العذاب والشك والعقاب ورجس كفرح وككرم عمل عملا قبيحا انتهى. وعن أقرب الموارد رجس الشيطان وسوسته فليس الرجس مترادفا مع النجس فالرجس في العقائد والأفعال والنجس في الأجسام والأعيان فالقذارة في الأول غير القذارة في الثاني فقولهم رجس نجس ليس للتأكيد بل للتوصيف من كلتا الجهتين أو العناية والمبالغة في الثاني لكي يؤكد به الأول والاستعمالات الواردة في القرآن الكريم شاهدة على ما ذكرناه من المعنى اللغوي.
قال تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (أحزاب ٣٣) فقد ورد في بعض الروايات عن الحسن بن علي عليهماالسلام تفسير الرجس بالشك وقال انا لا نشك في الله الحق أبدا وبديهي ان هذا التفسير من باب التذكر الى المصداق فالآية الكريمة ناصة ان الله سبحانه طهرهم من كل عيب ومأثم وعصيان وكفر ونفاق قال تعالى (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) (توبة ١٢٥)
قال تعالى (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) (الحج ٢٠) قال تعالى (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) (يونس ١٠٠) وقال تعالى (قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ) (أعراف ٧١) وأمثالها كثيرة قال في مرآت الأنوار ص ١٦٠ الرجس هو اسم كما قيل لكل ما يستقذر من عمل وجاء بمعنى المآثم أي الأعمال القبيحة والعذاب والكفر ووسوسة الشيطان والشك في الدين انتهى وقال في المجمع