الغسل وكيفيته من
سنن العامة البديهية الفطرية عند عامة البشر مستغنى عن التعليم والتعلم والعجب
انهم كيف رضوا ان ينسبوها الى شارع الإسلام سيما مع تصريح الرسول وآله (ص) اليه
وتذكيرهم به وتعبيرهم كثيرا ـ بوضوء رسول الله (ص) في بياناتهم ولو كان مراد
الشارع التعليم بكيفية الغسل استثناء من سنه الفطرة لوجب الردع ردعا شديدا بعناية
أكيدة بالغة.
قوله تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) وفي بعض القراءات المنسوبة الى أهل البيت (ع) عليهمالسلام فامسحوا بالفاء وعن القاموس كما في البحار في سياق معاني
الباء «وللتبعيض عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ
يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً»
(وَامْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ) انتهى وقال ابن هشام في ترجمة الباء «الحادي عشر للتبعيض
اثبت ذلك الأصمعي والفارسي والقيتبي وابن مالك قيل والكوفيون وجعلوا منه (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) وقوله شربن بماء البحر ثم ترفعت وقوله شرب النزيف ببرد ماء
الحشرج قيل ومنه (وَامْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ») انتهى. قال في كنز العرفان ص ١٠ والتحقيق انها تدل على
تضمين الفعل معنى الإلصاق فكأنه قال الصقوا المسح برؤوسكم وذلك لا يقتضي للاستيعاب
ولا عدمه بخلاف امسحوا رءوسكم فإنه كقوله (فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ) انتهى.
وفيه أولا انه لا
محصل لالصاق المسح بالرأس وثانيا ان قوله لا يقتضي الاستيعاب ولا عدمه غير ناهض
لإثبات ما يحاول من افادة التبعيض فإن الآية ليست مهملة ولا مجملة بالنسبة إلى
إفادة التبعيض والاستيعاب.
والذي يمكن في
توجيه كلامه قدسسره ان الآية الكريمة مسوقة لإفادة تشريع أصل المسح لا في مقام
تشريع الاستيعاب أو التبعيض بل الاستيعاب والتبعيض لا بد أن يستفاد من دليل خارج
وعلى فرض عدم الدليل فإطلاق الآية لا يتأبى عن الاستيعاب والتبعيض وهو كما ترى
ضرورة انه على فرض سوق الآية في مقام أصل التشريع ـ للمسح لا يعقل فرض إطلاقها
بالنسبة إلى الاستيعاب والتبعيض.
والتحقيق ان يقال
ان الآية الكريمة ليست لإفادة تشريع المسح فقط من دون عناية إلى مقدار المسح وكيفيته
وليست ساكتة عن وظيفة العمل بل لا بد ان يقال بالفرق لوجود الباء وعدمه فعلى فرض
وجودها ظاهرة في التبعيض وعلى عدمه في الاستيعاب.
فتحصل مما ذكرنا
ان (مسح) لكونه متعديا لا يحتاج في تحقق الإلصاق