هذه الأرجاس فقط فالأمر الإرشادي يدور مدار الأمر المرشد اليه على ما هو عليه وليس شأنه شأن التأكيد ثم ان الأمر الإرشادي كيف يكون التحريم المولوي واما الأمر بطاعة الرسول فقد عرفت أن المتعلق في أمر الرسول غير المتعلق في أمر الله سبحانه إرشاديا أو مولويا فكيف يكون هذا تأكيدا لأمره تعالى باجتناب الأرجاس.
الآية السابعة : قال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) النساء / ٥٩.
بيان تنقيح البحث في الآية يحتاج الى تحرير أمور :
الأول قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ) ليس فيها تشريع جديد وانما هو إرشاد إلى وجوب طاعته تعالى في جميع ما تمت الحجة على الناس في الأحكام التي وصلت إليهم سواء كانت بحسب ما يدركونها بعقولهم أو بلغه رسول بنزول القرآن أو بغيره من طرق الوحي من غير فرق في ذلك بين ما بلغه بشخصه في حياته أو بلغه العلماء ببياناتهم وبفتاواهم في حياته وبعد وفاته أو بوساطة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر أو غير ذلك فان قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ) شاملة لجميع البلاغات الواقعة في طريق طاعته تعالى.
الثاني قوله تعالى (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) عطف على الجملة السابقة وليس الأمر فيها بوجوب طاعة الرسول (ص) من باب انه طريق وموصل إلى طاعة الله تعالى كي تكون طاعة الرسول بعينها طاعة الله سبحانه كما ان جميع موارد بلاغة وبلاغ غيره (ص) بأنحاء التبليغ داخلا في قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ) ولو قلنا ان إيجاب طاعة الرسول من باب أنها موصلة وطريق الى طاعته تعالى لكان تكرارا من غير طائل فلا بد من الالتزام ان هذه الجملة مسوقة للتشريع ولإيجاب طاعة الرسول إيجابا موضوعيا مولويا وقد ذكرنا أن المتعلق في الأمر بطاعة الرسول غير المتعلق في الأمر بطاعة الله سبحانه والجملتان متباينتان من حيث سنخ الوجوب فيهما فالوجوب في طاعة الله إرشادي وفي طاعة الرسول مولوي ومتباينتان من حيث متعلق الطاعة الواجبة كما ذكرناه مفصلا.
الثالث لا ريب بحسب البراهين المستفادة من القرآن الكريم أن أمر النبوة والرسالة والبلاغ لا يتم ولا يحصل الا ان يكون الإنسان النبي والرسول مطهرا ومعصوما من جميع المعاصي والمآثم العقلية والشرعية وكذلك مصونا ومعصوما ممن الجهالة والغفلة والسهو والنسيان فما تنبأ نبي ولا أرسل الى أحد ملك الوحي الا مقارنا بإفاضة روح القدس عليه وهو العلم المفاض على الإنسان النبي والرسول