ونحو هذا ؛ وذلك لما فيه من معاني ما ذكر.
وقوله : (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ ...) ، وقوله : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا) أمر رسوله ليقص أنباء الأمم السالفة على هؤلاء ؛ ليكون زجرا وتحذيرا للكفار (١) ؛ ليعلموا ما حل بأولئك بصنيعهم ؛ ليحذروا عن مثل صنيعهم ، ويكون عظة وتذكيرا للمؤمنين ؛ كقوله : (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة : ٦٦].
وقوله ـ عزوجل ـ : (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ...) الآية ، قد ذكرنا في غير موضع أن آياته ، قيل : دينه (٢).
وقيل : حججه (٣) وبراهينه.
وقوله : (ساءَ مَثَلاً) [أي ساء مثل](٤) الأفعال التي ضرب الله مثلها بالذي ذكر في القرآن.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي).
شهد الله ـ تعالى ـ أن من هداه فهو المهتدي ؛ أي : من هداه الله في الدنيا فهو المهتدي في الآخرة ، ومن يضلل الله في الدنيا فهو الخاسر في الآخرة ، فلو كانت (٥) الهداية البيان والأمر والنهي ـ على ما ذكر قوم ـ لكان الكافر والمؤمن في ذلك سواء ؛ إذ كان البيان والأمر والنهي للكافر على ما كان للمؤمن فلم يهتد ، فدل أن في ذلك من الله زيادة معنى للمؤمن لم يكن ذلك منه إلى الكافر ، وهو التوفيق والعصمة والمعونة ، ولو كان ذلك للكافر لاهتدى [كما اهتدى](٦) المؤمن ، ولو كان بيانا لكان ذلك البيان من الرسل وغيره على قولهم ؛ وكذلك قوله : (وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) أخبر أن من أضله فقد خسر ؛ دل أنه كان منه زيادة معنى ، وهو الخذلان والترك ، أو خلق فعل الضلال ، وليس على ما يقوله المعتزلة أنه قد هداهم جميعا ، لكن لم يهتدوا ؛ فيقال لهم : أنتم أعلم أم الله؟! كما قال لليهود : (قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ) [البقرة : ١٤٠] ، فظاهر الآية على خلاف ما يقولون ويذهبون.
__________________
(١٠) كما في قوله تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) [الأعراف : ١٧٩].
(١) في أ : للكافر.
(٢) ينظر تفسيره لسورة (البقرة) آية (٣٩) ، وآل عمران (١١) ، والنساء (٥٦) ، والمائدة (١٠).
(٣) في أ : حجته.
(٤) سقط في أ.
(٥) في ب : كان.
(٦) سقط في أ.