جميعا المعصية ، وعلى ذلك أمر جميع أنواع المصائب يجمع فيها بين أهل الخير والشر بحق المحنة لا العقوبة ، وإن كان [ذلك](١) في بعضهم عقوبة ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ (١٧٧) مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)(١٧٨)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها).
اختلف أهل التأويل في [نبأ](٢) هذا :
قال بعضهم (٣) : كان هذا نبيّا فانسلخ (٤) منها ، يعني : من النبوة وكفر بها.
لكن هذا بعيد محال أن يجعل الله الرسالة فيمن يعلم أنه يكفر به ، أو يختاره لوحيه (٥) ، وهو يعلم أنه ليس [هو](٦) بأهل له ؛ بقوله (٧) : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام : ١٢٤].
وقال بعضهم (٨) : كان بلعم بن باعوراء أعطاه الله ـ تعالى ـ آيات فكفر بها وانسلخ منها.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) ـ أخرجه ابن جرير (٦ / ١٢٢) (١٥٤٢٦) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٦٧) وعزاه لابن جرير عن مجاهد.
(٤) ـ أي خرج منها ، ومنه استعير : انسلخ الشهر ، كأنه نزع عما قبله. ينظر عمدة الحفاظ (٢ / ٢٤١).
(٥) في أ : لوجه.
(٦) سقط في أ.
(٧) في أ : يقول.
(٨) أخرجه ابن جرير (٦ / ١١٨ ـ ١١٩) عن كل من : عبد الله بن مسعود (١٥٣٩٢ ، ١٥٣٩٣ ، ١٥٣٩٤ ، ١٥٣٩٥ ، ١٥٣٩٦ ، ١٥٣٩٧ ، ١٥٣٩٩ ، ١٥٤٠٠) ، عبد الله ابن عباس (١٥٣٩٨ ، ١٥٤٠١ ، ١٥٤١٠) ، عكرمة (١٤٥٠٥) ، ١٥٤٠٦ ، ١٥٤٠٧ ، ١٥٤٠٨) ، مجاهد (١٥٤٠٢ ، ١٥٤٠٣ ، ١٥٤٠٤ ، ١٥٤٠٩).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٦٥) وعزاه للفريابي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبى الشيخ والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود ، ولعبد بن حميد وأبي الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس.
قال الحافظ ابن كثير في البداية (٢ / ٢٨٠ ، ٢٨١) : قال عبد الرزاق : قال الثوري : أخبرني حبيب ابن أبي ثابت أن عبد الله بن عمرو قال في قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ)[الأعراف : ١٧٥] : هو أمية بن أبي الصلت ، وكذا رواه أبو بكر بن مردويه عن أبي بكر الشافعي عن معاذ بن المثنى عن مسدد عن أبي عوانة عن عبد الملك بن ـ