تسوية ذلك بالآية لا بد من زيادات تلحق بها أو تخرج عنها ، وإلا [لا](١) يخرج من ذلك [عن](٢) أن يقول : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) أن يجعل «من» صلة ؛ كأنه قال : وإذ أخذ ربك من بني آدم ، وقد تكون كقوله : (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) [البقرة : ٢٧١].
[وبنو آدم](٣) يؤخذ من ظهر آدم كما يؤخذ ابن كل من ظهورهم ، أي : أصل ابن كل من ظهره ، وذكر ظهورهم ؛ لما كان منسوبا إليهم ، وإن كان لو طرح حرف الصلة تزول الشبه ، فحفظ في ذكرهم حق الوصل وإن كان حقه الإسقاط ؛ كقوله : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ ...) الآية [الطلاق : ٨] ، وغير ذلك [مما كنى](٤) عن أهل القرية باسمها ، وعلى ذلك أجري ذكر الفعل وإن لم يكن لها في الحقيقة فعل ؛ فعلى ذلك هذا ، فيصير في التحصيل كأنه قال : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهره ، ثم يكون المأخوذ الذي عرض عليه مجعولا على حد يعقل الخطاب ، ومعنى قوله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) فأجاب بالذي ذكر.
والخبر الذي فيه القسمة إما أن كان لا في هذا فوصل به ، أو كان في الآية ذكر إجابة أحد الفريقين ، أو كان بين الجميع اتفاق في هذا الحرف واختلاف فيما جاوز هذا ، فالقسمة لما عداه ، وقد يوجد في هذا القدر ـ أيضا ـ اتفاق.
ثم قوله : (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ).
على إضمار بعث الرسل وإنزال الكتاب بالإخبار عن ذلك ؛ لئلا يدعوا الغفلة بما كانت منهم ذلك بما أوقظوا ونبهوا (٥) ، أو بما لا يحتجون بما اعترضهم من الغفلة ؛ إذ قد قطع عذرهم بغير ذلك من الأدلة والرسل ، والله أعلم.
أو لا يقولوا (٦) : (إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ) أي : بعث الرسل ، وإنزال الكتب لقطع هذا النوع من الشبه على الوجهين اللذين ذكرت ؛ [كقوله] : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ ...) الآية [طه : ١٣٤] ، وقوله : (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ ...) الآية [القصص : ٤٧] ، وقوله : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ ...) الآية [الإسراء : ١٥] ، ويكون في التأويل الأول ظهور أمر الذرية للأولاد في الخروج عن تدبير الآباء والأمهات لقطع (٧)
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : وبنو.
(٤) في ب : وأكنى.
(٥) في أ : أو انتهوا.
(٦) في ب : أو يقولوا.
(٧) في أ : بقطع.