الثبات عليها من غير أن كان منهم في الحدوث شيء ، ولكن يكون لذلك حكم التجديد أو الثبات (١) عليها كسؤال الهدى [وهم](٢) على الهدى ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٦].
[وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) [النساء : ١٣٦] أي : يا أيها الذين آمنوا فيما مضى من الوقت آمنوا في حادث الوقت ، أو اثبتوا على ذلك ؛ فعلى ذلك يحتمل أن يكون قوله](٣) : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) أي (٤) : جدد عليهم التوبة من غير أن كان منهم هفوة ، أو ثبتهم على التوبة التي كانت منهم.
والثاني : أنه ذكر التوبة ، وذلك أنهم حيث صبروا على ما أصابهم من الشدائد والجهد ، كشف الله عنهم أشياء كانت مستورة عندهم وجلالهم أغطية كانت لا تنجلي (٥) لهم من قبل ، لكن انجلى ذلك لهم وانكشف ؛ لصبرهم على الشدائد التي أصابتهم ؛ كقوله : (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) [البقرة : ١٥٦] ، لما صبروا على ما أصابهم من المصائب ازداد لهم تفويض وتسليم الأمر والمرجع إليه ؛ وكقوله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ...) [التغابن : ١١] الآية ، ازداد لهم بما صبروا هدى وتجلى لهم أشياء لم تكن من قبل ؛ فعلى ذلك يحتمل التوبة التي ذكر أنهم لما صبروا على ما أصابهم من الشدة والجهد ، تجلت (٦) لهم أشياء كانت مغطاة ـ والله أعلم ـ فإنه ذكر : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) ، [ولم يذكر أنها زاغت وذكر قلوب فريق منهم](٧) ولم يذكر قلوب الكل فهو ما ذكرنا.
ويحتمل ذكر التوبة على النبي على الإشراك مع المؤمنين من غير أن كان له ذنب ؛ لأنه أخبر أن ذنبه مغفور بقوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) [الفتح : ٢] ، فهو كما أشركه في الاستغفار ؛ بقوله : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [محمد : ١٩] ، أمره بالاستغفار لذنبه على الإشراك له مع استغفار المؤمنين ؛ إذ أخبر أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
__________________
(١) في أ : والثبات.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : لقد.
(٥) في أ : ينجلي.
(٦) في ب : تجلى.
(٧) سقط في أ.