قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٥ ]

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٥ ]

493/519
*

له نفاقهم كف عن استغفاره لهم ، فأما أن يستغفر للكافر على علم منه أنه كافر فلا يحتمل ، على ما يقوله بعض أهل التأويل : إنه استغفر لعمه ولأحد والديه.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ).

قال (١) بعضهم : وعدها إياه : الإسلام ، فكان استغفاره لأبيه على وعد الإسلام ، فإنما كان استغفاره بعد إسلامه.

ألا ترى أنه قال : (رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [إبراهيم : ٤٠ ، ٤١] فإنما طلب له المغفرة في ذلك اليوم وقد كان وعده الإسلام ؛ لذلك كان استغفر له.

ألا ترى أنه تبرأ منه ؛ إذ تبين له أنه من أهل النار.

ويحتمل أن يكون استغفار إبراهيم لأبيه طلب السبب الذي به منه يستوجب المغفرة وهو التوحيد [والإسلام](٢) ؛ وهو كقول هود [لقومه](٣) : (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [هود : ٥٢] ؛ وكقول نوح : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) [نوح : ١٠] ، ليس يأمرهم أن يقولوا : نستغفر الله ، ولكن يأمرهم بالإسلام ليغفر لهم ويكونوا من أهل المغفرة ، فعلى ذلك استغفار إبراهيم لأبيه ؛ وكذلك قوله : (وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) [الشعراء : ٨٦] ، أي : أعطه السبب الذي به يستوجب المغفرة وهو التوحيد ، كان سؤاله سؤال التوحيد ؛ إذ لا يحل طلب المغفرة للكافر وفي الحكمة لا يجوز أن يغفر له.

فإن قيل : فإن كان على ما ذكرتم كيف استثنى قول إبراهيم : (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) بعد ما أخبرنا أن في إبراهيم قدوة بقوله : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ) [الممتحنة : ٤]؟

قيل : يحتمل الاستثناء لقول إبراهيم : (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) لأبيه ، أي : حتى نعلم المعنى من استغفاره ؛ لأنا لا نعرف مراد إبراهيم من استغفاره لأبيه ؛ وكذلك استغفار الأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ لقومهم والمتصلين بهم ، فاستثنى ذلك إلى أن نعلم مرادهم من استغفارهم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ).

قيل (٤) : الأواه : الدعاء ، وعلى ذلك روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه سئل عن الأواه؟

__________________

(١) في أ : وقال.

(٢) سقط في أ.

(٣) سقط في أ.

(٤) أخرجه ابن جرير (٦ / ٤٩٤) عن كلّ من : ـ