قائمة الکتاب
تفسير سورة التوبة
٢٨٢
إعدادات
تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٥ ]
تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٥ ]
المؤلف :أبي منصور محمّد بن محمّد بن محمود الماتريدي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :519
تحمیل
له نفاقهم كف عن استغفاره لهم ، فأما أن يستغفر للكافر على علم منه أنه كافر فلا يحتمل ، على ما يقوله بعض أهل التأويل : إنه استغفر لعمه ولأحد والديه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ).
قال (١) بعضهم : وعدها إياه : الإسلام ، فكان استغفاره لأبيه على وعد الإسلام ، فإنما كان استغفاره بعد إسلامه.
ألا ترى أنه قال : (رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [إبراهيم : ٤٠ ، ٤١] فإنما طلب له المغفرة في ذلك اليوم وقد كان وعده الإسلام ؛ لذلك كان استغفر له.
ألا ترى أنه تبرأ منه ؛ إذ تبين له أنه من أهل النار.
ويحتمل أن يكون استغفار إبراهيم لأبيه طلب السبب الذي به منه يستوجب المغفرة وهو التوحيد [والإسلام](٢) ؛ وهو كقول هود [لقومه](٣) : (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [هود : ٥٢] ؛ وكقول نوح : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) [نوح : ١٠] ، ليس يأمرهم أن يقولوا : نستغفر الله ، ولكن يأمرهم بالإسلام ليغفر لهم ويكونوا من أهل المغفرة ، فعلى ذلك استغفار إبراهيم لأبيه ؛ وكذلك قوله : (وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) [الشعراء : ٨٦] ، أي : أعطه السبب الذي به يستوجب المغفرة وهو التوحيد ، كان سؤاله سؤال التوحيد ؛ إذ لا يحل طلب المغفرة للكافر وفي الحكمة لا يجوز أن يغفر له.
فإن قيل : فإن كان على ما ذكرتم كيف استثنى قول إبراهيم : (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) بعد ما أخبرنا أن في إبراهيم قدوة بقوله : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ) [الممتحنة : ٤]؟
قيل : يحتمل الاستثناء لقول إبراهيم : (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) لأبيه ، أي : حتى نعلم المعنى من استغفاره ؛ لأنا لا نعرف مراد إبراهيم من استغفاره لأبيه ؛ وكذلك استغفار الأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ لقومهم والمتصلين بهم ، فاستثنى ذلك إلى أن نعلم مرادهم من استغفارهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ).
قيل (٤) : الأواه : الدعاء ، وعلى ذلك روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أنه سئل عن الأواه؟
__________________
(١) في أ : وقال.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) أخرجه ابن جرير (٦ / ٤٩٤) عن كلّ من : ـ