(سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).
قال بعضهم : غضب من ربهم : عذاب في الآخرة لمن مات منهم على ذلك ، (وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) القتل والهلاك في الدنيا.
وقال بعضهم : قوله : (غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ) : القتل ، والهلاك ، (وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) الجزية والسبي (١) والقهر.
ويحتمل قوله تعالى : (وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ذكر الذم بصنيعهم وثناء الشر ، على ما كان (٢) بصنيع الخير المحمدة في الدنيا وثناء الخير (٣).
وقوله ـ عزوجل ـ : (سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ).
هذا يحتمل وجهين :
أحدهما : أي : قد نالهم غضب من ربهم ؛ لما ذكر.
والثاني : أن يكون هذا مذكورا في كتبهم أن من اتخذ العجل معبودا سينالهم غضب من ربهم ، فإن كان هذا خبرا عما في كتبهم ، فسينالهم على الوعد الصحيح (٤) ، وإلا على الخبر ، أي (٥) : قد نالهم.
(وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ).
أي : كذلك نجزي كل مفتر على الله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا).
قال أهل التأويل : قوله : (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ) يعني : الذين عبدوا العجل.
(ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) وهو : في كل من عمل السيئات ـ أي سيئة كانت ـ إذا تاب عنها ، وندم عليها ، وطلب من الله المغفرة ، غفر له.
__________________
(١) السبي والسباء ، لغة : الأسر ، يقال : سبى العدو وغيره ، سبيا وسباء : إذا أسره ، فهو سبيّ ، على وزن «فعيل» للذكر. والأنثى : سبيّ وسبيّة ومسبيّة ، والنسوة : سبايا ، وللغلام : سبيّ ومسبيّ.
أما اصطلاحا : فالفقهاء في الغالب يخصون السبي بالنساء والأطفال ، والأسر بالرجال. ففي الأحكام السلطانية : الغنيمة تشتمل على أقسام : أسرى ، وسبي ، وأرضين ، وأموال ، فأما الأسرى فهم الرجال المقاتلون من الكفار إذا ظفر المسلمون بهم أحياء ، وأما السبي فهم النساء والأطفال. وفي مغنى المحتاج : المراد بالسبي : النساء والولدان.
ينظر : لسان العرب (سبى) ، والمصباح المنير (سبى) ، والأحكام السلطانية للماوردي (١٣١ ـ ١٣٤) ، ومغني المحتاج (٤ / ٢٢٧).
(٢) زاد فى ب : و.
(٣) في ب : الحسن.
(٤) في ب : صحيح.
(٥) في ب : أن.