وقال ابن عباس (١) ـ رضي الله عنه ـ [قال](٢) : (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) : جهنم ، وأمكن أن يكون الخطاب للفسقة ، سأريكم يا أهل الفسق دار الفاسقين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ ...) الآية.
يخرج هذا على وجهين :
أحدهما : [سأصرف عن آياتى أي :](٣) سأصرفهم عن قبولها وتصديقها ؛ إذ لم يستقبلوها بالتعظيم لها ، بل استهزءوا بها واستخفوا بها على علم منهم أنها آيات من الله وحجة.
والثاني : سأصرف عن وجود الطعن والقدح فيها والكيد لها ، ثم إن كل واحد من هذين الوجهين يتوجه على وجهين :
قال الحسن : إن للكفر حدّا إذا بلغ الكافر ذلك الحد يطبع عليه ، فلا يقبل ولا يصدق آياته بعد ذلك.
والثاني : أنهم كانوا يتعنتون في آياته ويكابرون في ردّها مع علمهم أنها آيات وحجج من الله ، فإذا تعانتوا صرفهم عن قبولها وتصديقها ، وهو كقوله تعالى : (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) [التوبة : ١٢٧] ، [وقوله : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ)](٤) أي : خلق منهم فعل الزيغ وفعل الانصراف ، وهكذا كل من يختار عداوة الله ، فالله لا يختار له ولايته ، ولكن يختار له ما اختار هو.
وأما قوله : (سَأَصْرِفُ) عن وجود الطعن فيها والقدح ؛ وذلك أن الله ـ عزوجل ـ جعل للرسل والأنبياء أضدادا من كبراء الكفرة وعظمائهم ، وكانوا يطعنون في الآيات ، ويقدحون فيها ، فأخبر أنه يصرفهم عن وجود الطعن فيها [والقدح](٥) والكيد لها ، أي : لا يجدون فيها مطعنا ولا قدحا.
والثاني : قوله : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ) الهلاك والإبطال ، بل [هم](٦) المهلكون والآيات هي الباقية ، ثم اختلف في الآيات :
__________________
(١) ذكره الرازي في تفسيره (١٤ / ١٩٤) ونسبه لابن عباس والحسن ومجاهد ، وأخرجه ابن جرير (٦ / ٦٠) (١٥١٢٩) عن الحسن البصري ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٣٣) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن الحسن البصري.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في أ.
(٦) سقط في أ.