قيل : تفصيلا لما أمروا به ، ونهوا عنه (١).
وقيل (٢) : بيانا لكل ما يحتاج إليه.
وقوله : (فَخُذْها) يحتمل ـ أيضا ـ وجهين :
يحتمل قوله : (فخذ) ، أي : اقبل ، على ما ذكرنا في قوله : (فَخُذْ ما آتَيْتُكَ) [الأعراف : ١٤٤].
ويحتمل : اعمل بما فيها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بِقُوَّةٍ) قال أهل التأويل (٣) : بجد ومواظبة ، ولكن قوله : (فَخُذْها بِقُوَّةٍ) القوة المعروفة ، وعلى قول المعتزلة لا يكون أخذا بقوة ، وقد أخبر أنه أخذها بقوة ؛ لأنهم يقولون : إن القوة تكون قبل الفعل ، ثم يقولون : إنها لا تبقى وقتين ، فيكون في الحاصل لو كانت قبل الفعل أخذا بغير قوة دلّ أنها مع الفعل ، وتقول المعتزلة : دل قوله : (فَخُذْها بِقُوَّةٍ) على أن القوة قد تقدمت الأمر بالأخذ ، لكن لا يكون ما ذكروا ؛ لأنه أمر بأخذ بقوة دل أنها تقارن الفعل لا تتقدم (٤).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها).
يحتمل قوله : (يَأْخُذُوا) ما ذكرنا من الوجهين القبول أو العمل ، أي : مرهم يقبلوا بأحسن القبول.
ويحتمل : مرهم يعملوا بأحسن ما فيها من الأمر ، والنهي ، والحلال ، والحرام.
ويحتمل قوله : (بِأَحْسَنِها) ، أي : بما هو أحكم وأتقن.
أو بأحسن مما عمل به الأولون ؛ إذ فيه أخبار الأولين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ).
قال بعض أهل التأويل : قال ذلك لبني إسرائيل : سأريكم دار الفاسقين ، يعني : سنة الفاسقين ، وهو الهلاك ؛ كقوله تعالى : (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) [الأنفال : ٣٨] وسنته (٥) في أهل الفسق والكفر والهلاك.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٦ / ٥٧ ـ ٥٨) (١٥١١٦) عن سعيد بن جبير ، (١٥١١٦ و ١٥١١٧ ، ١٥١١٩) عن مجاهد ، (١٥١١٨) عن السدي. وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٢٥) وعزاه لأبي الشيخ عن السدي ولعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٢) ذكره ابن جرير (٦ / ٥٧) ، والبغوي في تفسيره (٢ / ٢٠٠).
(٣) أخرجه ابن جرير (٦ / ٥٨) (١٥١٢٢) و (١٥١٢٣) عن ابن عباس والسدي ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٣٣) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عباس.
(٤) في أ : تقدم.
(٥) في أ : وسنة.