ويحتمل : (لا أَيْمانَ لَهُمْ) أي : لا يعطي لهم العهد [مبتدأ بعد ما نقضوا العهد ؛ لأنهم اعتادوا نقض العهد.
والثاني : قال ذلك في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون](١) أبدا.
وفيه لغة أخرى (٢) : (لا أَيْمانَ لَهُمْ) ، بكسر الألف : (لا أَيْمانَ لَهُمْ) أي : لا يؤمنون أبدا [فإن كان كذلك وذلك في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون أبدا](٣).
وفائدة قوله : (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) تخرج على وجهين :
أحدهما : أن أهل العهد إذا نقضوا العهد ينقض ذلك ، ويتركون على النقض ، ويقاتلون بعد النقض ، وليس كأهل الذمة إذا نقضوا الذمة لا يتركون على ذلك ، ولكن يردون إلى الذمة ولا تنقض الذمة [فيما](٤) بينهم.
وقال الحسن (٥) : قوله : (لا أَيْمانَ لَهُمْ) يقول : لا تصديق لهم.
وقوله : (لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ).
عن نقض العهد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) أي : كيف لا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم ، وأيمانهم ما ذكرنا ، وهو حرف الإغراء على مقاتلة من اعتقد نقض العهود والتحريش عليهم (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ).
يحتمل قوله : (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) : القتل ، أي : هموا بقتله ، وفي القتل
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) قرأ ابن عامر : (لا إيمان) بكسر الهمزة وهو مصدر آمن يؤمن إيمانا. وهل هو من الأمان؟ وفي معناه حينئذ وجهان :
أحدهما : أنهم لا يؤمنون في أنفسهم ، أي : لا يعطون أمانا بعد نكثهم وطعنهم ، ولا سبيل إلى ذلك.
والثاني : الإخبار بأنهم لا يوفون لأحد بعهد يعقدونه له ، أو من التصديق أي : إنهم لا إسلام لهم ، واختار مكي التأويل الأول ؛ لما فيه من تجديد فائدة لم يتقدم لها ذكر ؛ لأن وصفهم بالكفر وعدم الإيمان قد سبق وعرف.
وقرأ الباقون بالفتح ، وهو جمع يمين وهذا مناسب للنكث ، وقد أجمع على فتح الثانية ، ويعني نفي الأيمان عن الكفار ، أنهم لا يوفون بها وإن صدرت منهم وثبتت ؛ وهذا كقول الآخر :
وإن حلفت لا ينقض النّأى عهدها |
|
فليس لمخضوب البنان يمين |
ينظر : اللباب (١٠ / ٣٣ ، ٣٤) ، وإتحاف الفضلاء (٢٤٠) ، والكشاف للزمخشري (٢ / ١٧٧) ، وتفسير الطبري (١٠ / ٦٣) ، والسبعة (٣١٢).
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٢٧٢) ولم ينسبه لأحد.