قلبي» (١) ، فلم ينكر على (٢) السائل السؤال ، وقد علم السائل [أن](٣) رؤية القلب إذ هي علم قد علمه ، وأنه لم يسأل عن (٤) ذلك ، وقد حذر الله المؤمنين [عن السؤال](٥) عن أشياء (٦) قد كفوا عنها بقوله : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) [المائدة : ١٠١] ، فكيف يحتمل أن يكون السؤال عن مثله يجيء ، وذلك كفر في الحقيقة عند قوم ، ثم لا ينهاهم عن ذلك ولا يوبخهم في ذلك ، بل يليق القول في ذلك ، ويرى أن ذلك ليس ببديع ، والله الموفق.
وأيضا : إن الله وعد أن يجزي أحسن مما عملوا به في الدنيا ، ولا شيء أحسن من التوحيد ، وأرفع قدرا من الإيمان به ؛ إذ هو المستحسن بالعقول والثواب الموعود من جوهر (٧) الجنة ، حسنه حسن الطبع ، وذلك دون حسن العقل ؛ إذ لا يجوز أن يكون شيء حسنا في العقول لا يستحسنه ذو عقل ، وجائز ما استحسنه الطبع طبعا لا يتلذذ به كطبع الملائكة ، ومثله في العقوبة ؛ لذلك لزم القول بالرؤية لتكون كرامة تبلغ في الجلالة ما أكرموا به ، وهو أن يصير لهم المعبود بالغيب شهودا كما صار المطلوب من الثواب حضورا ، ولا قوة إلا بالله.
ولا يحتمل العلم ؛ لأن كلّا يجمع على العلم بالله في الآخرة العلم الذي لا يعتريه الوسواس ، وذلك علم العيان لا علم الاستدلال ، وكثرة الآيات لا تحقق علم الحق الذي لا يعتريه ذلك ، دليله قوله : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ ...) [الأنعام : ١١١] الآية ، وما ذكر من استعانة الكفرة بالكذب (٨) في الآخرة وإنكار الرسل [عليهم](٩) ، وقولهم :
__________________
(١) أخرجه الخطيب البغدادي في التاريخ (٧ / ١٤٠) بلفظ : «رأيته بقلبي مرتين».
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٥٩ ـ ١٦٠) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي عن بعض أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مرفوعا بلفظ : «لم أره بعيني ، ورأيته بفؤادي مرتين ، ثم تلا : (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى)[النجم : ٨]».
والنسائي عن أبي ذر موقوفا.
ولعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر موقوفا.
ولعبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح من قوله.
ولعبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية من قوله.
ولأحمد والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس موقوفا.
(٢) في أ : عن.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : عنه.
(٥) سقط في أ.
(٦) في أ : الأشياء.
(٧) في أ : جوهره.
(٨) في ب : بالتكذب ، وفي أ : بالتكذيب. والصواب المثبت.
(٩) سقط في ب.