الذي لم يلحقه موروثا عنه ، كان سهمه الذي قد حازه أحرى أن يورث عنه ، فإذا لم يورث الذي قد حازه وملكه عنه ، لا يورث الآخر ، والله أعلم.
وعن عائشة أن فاطمة والعباس (١) أتيا أبا بكر يلتمسان (٢) ميراثهما من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك (٣) ، وسهمه من خيبر (٤) ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا نورث ، ما تركناه صدقة ، إنما يأكل آل محمد في هذا المال حق الغنائم» [أي : من الغنائم](٥) والله ، لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصنعه فيه إلا أصنعه.
وفي بعض الأخبار قال : «لا يقسم ورثتي دينارا ولا درهما ، ما تركت سوى نفقة عاملي ومئونة نسائي فهو صدقة» (٦).
وعن عمر : كان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم مما أفاء الله عليه نفقة سنة ، ويجعل ما بقي في مال الله (٧).
وروي ـ أيضا ـ عنه أنه قال : كانت أموال بني النضير (٨) مما (٩) أفاء الله على رسوله
__________________
(١) عباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو الفضل عم النبي صلىاللهعليهوسلم أظهر إسلامه يوم الفتح ، توفي سنة اثنتين وثلاثين. ينظر الخلاصة (٢ / ٣٥).
(٢) الالتماس : الطلب ، يقال : تلمس الشيء : تطلبه مرة بعد أخرى. ينظر : المعجم الوسيط (٢ / ٨٣٨) ، (لمس).
(٣) فدك ـ بالتحريك ، وآخره كاف ـ : قرية بالحجاز ، بينها وبين المدينة يومان ، وقيل : ثلاثة. أفاءها الله تعالى على رسوله ـ عليهالسلام ـ صلحا. فيها عين فوارة ونخل. ينظر : مراصد الاطلاع (٣ / ١٠٢٠).
(٤) خيبر ـ بخاء معجمة ، فتحتية ، فموحدة ، وزن «جعفر» ـ : وهي اسم ولاية تشتمل على حصون ومزارع ، ونخل كثير ، على ثلاثة أيام من المدينة على يسار حاج الشام. والخيبر بلسان اليهود : الحصن ؛ ولذا سميت خيابر أيضا ـ بفتح الخاء قاله ابن القيم مما ذكر ابن إسحاق. وقال ابن عقبة ومحمد بن عمر وأبو سعد النيسابوري في الشرف : إنها بجبلة ـ بفتح الجيم والموحدة ـ ابن جوال ـ بفتح الجيم وتشديد الواو ، بعدها ألف ولام ـ وقيل : سميت بأول من نزلها ، وهو خيبر أخو يثرب ابنا قانية بن مهلايل بن آدم بن عبيل ، وهو أخو عاد. ينظر : سبل الهدى والرشاد (٥ / ٢٣٤).
(٥) سقط في أ.
(٦) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا ، باب نفقة القيم للوقف (٢٧٧٦) ، ومسلم في كتاب الجهاد والسير ، باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : (لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة) (٥٥ / ١٧٦٠) عن أبي هريرة.
(٧) هو طرف من حديث طويل : أخرجه البخاري (٦ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨) كتاب فرض الخمس ، باب فرض الخمس (٣٠٩٤) ، ومسلم (٣ / ١٣٧٧) في الجهاد ، باب حكم الفيء (٤٩ / ٧٥٧).
(٨) النضير ـ بفتح النون وكسر الضاد المعجمة الساقطة ـ : حي من يهود دخلوا في العرب ، وهم على نسبهم إلى هارون نبي الله تعالى صلىاللهعليهوسلم ، وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما خلا ، وكان الله ـ تعالى ـ قد كتب عليهم هذا الجلاء.
قال في الهدى : زعم محمد بن شهاب الزهري أن غزوة بني النضير كانت بعد بدر بستة أشهر. ـ