والغنيمة يأخذ الإمام الخمس منها ، والباقي يقسم بينهم ، والفيء يأخذه الإمام فيضعه في مصلحة المسلمين ، وليس فيه الخمس.
وقال بعضهم (١) : الغنيمة والفيء واحد.
ثم قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ...) إلى آخر ما ذكر ، ذكر الخمس ، ولم يذكر الأربعة أخماس أنها لمن ، لكنها للمقاتلة بقوله : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً) ، فكانت الغنيمة كلها لمن غنمها بظاهر هذه الآية ، إلا ما استثنى الله منها بالآية الأولى ، وهو الخمس ، وهذا مما أجمع عليه أهل العلم ، وعلى ذلك تواترت الأخبار عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعن صحابته موقوفة (٢) من بعده.
روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم سئل عن المال ـ يعني الغنيمة ـ فقال : «لي خمسه ، وأربعة أخماسه لهؤلاء» (٣) يعني : المسلمين.
وروي أنه قسمها بين المقاتلة ، يعني : الأربعة الأخماس (٤).
وفي بعض الأخبار أن أبا الدرداء (٥) وعبادة بن الصامت والحارث بن معاوية (٦) كانوا
__________________
ـ وفي الاصطلاح : يستعمل الفقهاء كلمة «عنوة» عند الكلام على أحكام الأراضي التي تئول إلى المسلمين من أهل الحرب فيقسمونها إلى أرض فتحت عنوة وأرض فتحت صلحا ؛ لاختلاف بعض أحكامهما. ينظر : لسان العرب (عنو).
(١) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٢٤٩) ، وكذا ابن عادل في اللباب (٩ / ٥١٩ ـ ٥٢٠).
(٢) الموقوف : ما يروى عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ من أقوالهم وأفعالهم ونحوها ، فيوقف عليهم ولا يتجاوز به إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو أيضا يعم المتصل وغيره ، غير أن الحاكم شرط فيه عدم الانقطاع ، وشذ في ذلك. وقد يستعمل مقيدا في غير الصحابي ، فيقال : حديث كذا وقفه فلان على عطاء ، وحديث كذا وقفه فلان على طاوس ، وحديث كذا وقفه فلان على الزهري ، ونحو ذلك من التابعين.
وقد يستعمل مقيدا أيضا فيمن بعدهم فيقال : موقوف على مالك ، موقوف على الثوري ، موقوف على الأوزاعي ، موقوف على الشافعي. ينظر : غيث المستغيث ص (١٠).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٦ / ٥٠١) (٣٣٣٠٢) ، والبيهقي في الشعب (٤ / ٦١) (٤٣٢٩) ، عن عبد الله بن شقيق عن رجل من بلقين عن ابن عم له مرفوعا بلفظ : (لله خمسه ، وأربعة أخماسه لهؤلاء ، يعني المسلمين).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٣٣٨) وزاد نسبته للبغوي وابن مردويه عن رجل من بلقين عن ابن عم له.
(٤) أخرجه ابن جرير (٦ / ٢٥٠) (١٦١١٢) عن قتادة وابن أبي شيبة في المصنف (٦ / ٥٠٢) (٣٣٣١٢) عن سفيان بنحوه ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٣٣٩) وعزاه لابن أبي شيبة عن سفيان.
(٥) عويمر بن زيد بن عبد الله بن قيس بن عائشة الخزرجي أبو الدرداء ، هو القائل : رب شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا ، وقد جمع القرآن وولي قضاء دمشق توفي سنة اثنتين وثلاثين. ينظر الخلاصة (٢ / ٣١٠).
(٦) الحارث بن معاوية الكندي ، روى الحسن عن المقدام الرهاوي عنه في المغانم ، وله عن عمر. ينظر ترجمته في : أسد الغابة (١ / ٦٣٩) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٧ / ٣٠٩) ، تجريد أسماء الصحابة للذهبي (١٠٨).