ابن خثيم وابن أبي إسحاق ويحيى بن وثاب والأعمش ، فإنهم قرءوا بنصب الثلاثة الأسماء وقيل : النصب على المدح ، وقيل : على عطف البيان ، وحكى أبو عبيد أن النصب على النعت. قال النحاس : وهو غلط وإنما هو بدل ، ولا يجوز النعت لأنه ليس بتحلية واختار هذه القراءة أبو عبيد ، وأبو حاتم. وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وأبو جعفر ، وشيبة ، ونافع بالرفع. قال أبو حاتم : بمعنى هو الله ربكم. قال النحاس : وأولى ما قيل : إنه مبتدأ وخبر بغير إضمار ولا حذف. وحكى عن الأخفش أن الرفع أولى وأحسن. قال ابن الأنباري : من رفع أو نصب لم يقف على أحسن الخالقين على جهة التمام لأن الله مترجم عن أحسن الخالقين على الوجهين جميعا ، والمعنى ، أنه خالقكم وخالق ومن قبلكم فهو الذي تحقّ له العبادة (فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) أي : فإنهم بسبب تكذيبه لمحضرون في العذاب ، وقد تقدّم أن الإحضار المطلق مخصوص بالشرّ (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) أي : من كان مؤمنا به من قومه ، وقرئ بكسر اللام وفتحها كما تقدّم ، والمعنى على قراءة الكسر : أنهم أخلصوا لله ؛ وعلى قراءة الفتح : أن الله استخلصهم من عباده. وقد تقدّم تفسير (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قرأ نافع وابن عامر والأعرج على آل ياسين بإضافة آل بمعنى آل ياسين ، وقرأ الباقون بكسر الهمزة وسكون اللام موصولة بياسين إلا الحسن ، فإنه قرأ «الياسين» بإدخال آلة التعريف على ياسين ، قيل : المراد على هذه القراءات كلها إلياس ، وعليه وقع التسليم ، ولكنه اسم أعجمي ، والعرب تضطرب في هذه الأسماء الأعجمية ويكثر تغييرهم لها. قال ابن جني : العرب تتلاعب بالأسماء الأعجمية تلاعبا ؛ فياسين ، وإلياس ، وإلياسين شيء واحد. قال الأخفش : العرب تسمي قوم الرجل باسم الرجل الجليل منهم ، فيقولون المهالبة على أنهم سموا كلّ رجل منهم بالمهلب. قال : فعلى هذا إنه سمى كل رجل منهم بالياسين. قال الفراء : يذهب بالياسين إلى أن يجعله جمعا فيجعل أصحابه داخلين معه في اسمه. قال أبو عليّ الفارسي : تقديره الياسيين إلا أن الياءين للنسبة حذفتا كما حذفتا في الأشعرين والأعجمين. ورجح الفرّاء وأبو عبيدة قراءة الجمهور قالا : لأنه لم يقل في شيء من السور على آل فلان ، إنما جاء بالاسم كذلك الياسين لأنه إنما هو بمعنى إلياس أو بمعنى إلياس وأتباعه. وقال الكلبي : المراد بآل ياسين آل محمّد. قال الواحدي : وهذا بعيد لأن ما بعده من الكلام وما قبله لا يدلّ عليه ، وقد تقدّم تفسير (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) مستوفى (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) قد تقدّم ذكر قصة لوط مستوفاة (إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ) الظرف متعلق بمحذوف هو اذكر ولا يصح تعلقه بالمرسلين ، لأنه لم يرسل وقت تنجيته (إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) قد تقدم أن الغابر يكون بمعنى الماضي ، ويكون بمعنى الباقي ، فالمعنى : إلا عجوزا في الباقين في العذاب ، أو الماضين الذين قد هلكوا (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) أي : أهلكناهم بالعقوبة ، والمعنى : أن في نجاته وأهله جميعا إلا العجوز وتدمير الباقين من قومه الذين لم يؤمنوا به دلالة بينة على ثبوت كونه من المرسلين (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) خاطب بهذا العرب أو أهل مكة على الخصوص : أي تمرون على منازلهم التي فيها آثار العذاب وقت الصباح (وَبِاللَّيْلِ) والمعنى تمرون على منازلهم في ذهابكم إلى الشام ورجوعكم منه نهارا وليلا (أَفَلا تَعْقِلُونَ) ما تشاهدونه في ديارهم من آثار عقوبة