الْمُؤْمِنِينَ) أي : الذين أعطوا العبودية حقها ، ورسخوا في الإيمان بالله وتوحيده (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) أي : بشرنا إبراهيم بولد يولد له ويصير نبيا بعد أن يبلغ السن التي يتأهل فيها لذلك ، وانتصاب نبيا على الحال ، وهي حال مقدرة. قال الزجاج : إن كان الذبيح إسحاق فيظهر كونها مقدرة والأولى أن يقال إن من فسر الذبيح بإسحاق جعل البشارة هنا خاصة بنبوته. وفي ذكر الصلاح بعد النبوة تعظيم لشأنه ، ولا حاجة إلى وجود المبشر به وقت البشارة ، فإن وجود ذي الحال ليس بشرط ، وإنما الشرط المقارنة للفعل ، و «من الصالحين» كما يجوز أن يكون صفة لنبيا يجوز أن يكون حالا من الضمير المستتر فيه ، فتكون أحوالا متداخلة (وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ) أي : على إبراهيم وعلى إسحاق بمرادفة نعم الله عليهما ، وقيل : كثرنا ولدهما ، وقيل : إن الضمير في عليه يعود إلى إسماعيل وهو بعيد ، وقيل : المراد بالمباركة هنا : هي الثناء الحسن عليهما إلى يوم القيامة (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) أي : محسن في عمله بالإيمان والتوحيد ، وظالم لها بالكفر والمعاصي ، لما ذكر سبحانه البركة في الذرية ؛ بين أن كون الذرية من هذا العنصر الشريف ؛ والمحتد المبارك ليس بنافع لهم ، بل إنما ينتفعون بأعمالهم ، لا بآبائهم ، فإن اليهود والنصارى وإن كانوا من ولد إسحاق فقد صاروا إلى ما صاروا إليه من الضلال البين ، والعرب وإن كانوا من ولد إسماعيل فقد ماتوا على الشرك إلا من أنقذه الله بالإسلام.
وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) يقول : لم يبق إلا ذرية نوح (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن سمرة بن جندب عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في قوله : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) قال : حام وسام ويافث. وأخرج ابن سعد ، وأحمد ، والترمذي وحسنه ، وأبو يعلى ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه عن سمرة أيضا أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «سام أبو العرب ، وحام أبو الحبش ، ويافث أبو الروم» والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة ، وفي سماعه منه مقال معروف ، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البر : وقد روي عن عمران ابن حصين عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم مثله. وأخرج البزار ، وابن أبي حاتم ، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ولد نوح ثلاثة : سام وحام ويافث ، فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم ، وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم ، وولد حام القبط والبربر والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عنه. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال : مطعون. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضا في قوله : (قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضا (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) قال : العمل. وأخرج الطبراني