فيقومون وهم قليل فيدخلون الجنّة بغير حساب ؛ ثم يعود فينادي : أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع؟ فيقومون وهم قليل ، فيدخلون الجنّة بغير حساب ؛ ثم يعود فينادي : ليقم الذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، فيقومون وهم قليل ، فيدخلون الجنّة بغير حساب ، ثم يقوم سائر الناس فيحاسبون». وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عقبة بن عامر مرفوعا نحوه.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٣٩) أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (٤١) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (٤٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (٤٣) يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (٤٤) وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٥) لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦))
لما ذكر سبحانه حال المؤمنين ، وما يؤول إليه أمرهم ، ذكر مثلا للكافرين فقال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ) المراد بالأعمال هنا : هي الأعمال التي من أعمال الخير كالصدقة والصلة وفكّ العاني وعمارة البيت وسقاية الحاجّ ، والسراب : ما يرى في المفاوز من لمعان الشمس عند اشتداد حرّ النهار على صورة الماء في ظنّ من يراه ، وسمي سرابا لأنه يسرب ، أي : يجري كالماء ؛ يقال : سرب الفحل ، أي : مضى وسار في الأرض ، ويسمى : الآل أيضا. وقيل : الآل هو الذي يكون ضحى كالماء ، إلا أنه يرتفع عن الأرض حتى يصير كأنه بين السماء والأرض ، قال امرؤ القيس :
ألم أنض المطيّ بكلّ خرق |
|
طويل (١) الطّول لمّاع السّراب |
وقال آخر :
فلمّا كففنا الحرب كانت عهودهم |
|
كلمع سراب بالفلا متألّق |
والقيعة جمع قاع : وهو الموضع المنخفض الذي يستقرّ فيه الماء ، مثل جيرة وجار ، قاله الهروي. وقال أبو عبيد : قيعة وقاع واحد. قال الجوهري : القاع المستوي من الأرض ، والجمع : أقوع وأقواع وقيعان ، صارت الواو ياء لكسر ما قبلها ، والقيعة : مثل القاع. قال : وبعضهم يقول هو جمع (يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً)
__________________
(١). كذا في الأصل ، وفي ديوان امرئ القيس «أمقّ الطّول» والأمقّ : الطويل.