يؤذى أحد ، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد ، ولقد أتت عليّ ثالثة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا ما واراه إبط بلال». وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ) قال : يرتدّ عن دين الله إذا أوذي في الله.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١٤) فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ (١٥) وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١٩) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (٢١) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٢٢) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٣) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٤) وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٥) فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧))
أجمل سبحانه قصة نوح تصديقا لقوله في أوّل السورة (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وفيه تثبيت للنبي صلىاللهعليهوسلم ، كأنه قيل له : إن نوحا لبث ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو قومه ولم يؤمن منهم إلا قليل ، فأنت أولى بالصبر لقلة مدة لبثك ، وكثرة عدد أمتك. قيل : ووقع في النظم إلا خمسين عاما ، ولم يقل : تسعمائة سنة وخمسين ، لأن في الاستثناء تحقيق العدد بخلاف الثاني ، فقد يطلق على ما يقرب منه. وقد اختلف في مقدار عمر نوح ، وسيأتي آخر البحث. وليس في الآية إلا أنه لبث فيهم هذه المدة ، وهي لا تدل على أنها جميع عمره. فقد تلبث في غيرهم قبل اللبث فيهم ، وقد تلبث في الأرض بعد هلاكهم بالطوفان ، والفاء في (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ) للتعقيب ، أي : أخذهم عقب تمام المدة المذكورة ، والطوفان : يقال لكل شيء كثير ، مطيف بجمع ، محيط بهم ، من مطر ، أو قتل ، أو موت قاله النحاس : وقال سعيد بن جبير وقتادة والسدي : هو المطر. وقال الضحاك : الغرق ، وقيل : الموت ، ومنه قول الشاعر :
أفناهم طوفان موت جارف