أي : تطرد (قالَ ما خَطْبُكُما) أي : قال موسى للمرأتين : ما شأنكما لا تسقيان غنمكما مع الناس؟ والخطب : الشأن ، قيل : وإنما يقال ما خطبك لمصاب ، أو مضطهد ، أو لمن يأتي بمنكر (قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ) أي : إن عادتنا التأني حتى يصدر الناس عن الماء ، وينصرفوا منه حذرا من مخالطتهم ، أو عجزا عن السقي معهم. قرأ الجمهور «يصدر» بضم الياء وكسر الدال مضارع أصدر المتعدّى بالهمزة. وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر بفتح الياء وضم الدال من صدر يصدر لازما ، فالمفعول على القراءة الأولى محذوف ، أي : يرجعون مواشيهم ، والرعاء : جمع راع. قرأ الجمهور «الرعاء» بكسر الراء. وقرأ أبو عمرو في رواية عنه بفتحها. قال أبو الفضل : هو مصدر أقيم مقام الصفة ، فلذلك استوى فيه الواحد والجمع. وقرئ «الرعاء» بالضم اسم جمع. وقرأ طلحة بن مصرف «نسقي» بضم النون من أسقى (وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) عالي السن ، وهذا من تمام كلامهما ، أي : لا يقدر أن يسقي ماشيته من الكبر ، فلذلك احتجنا ونحن امرأتان ضعيفتان أن نسقي الغنم لعدم وجود رجل يقوم لنا بذلك ، فلما سمع موسى كلامهما سقى لهما رحمة لهما ، أي : سقى أغنامهما لأجلهما ثم لما فرغ من السقي لهما تولى إلى الظل. أي انصرف إليه ، فجلس فيه ، قيل : كان هذا الظل ظل سمرة هنالك. ثم قال لما أصابه من الجهد والتعب مناديا لربه : (إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ) أي خير كان (فَقِيرٌ) أي : محتاج إلى ذلك ، قيل : أراد بذلك الطعام ، واللام في لما أنزلت معناها إلى : قال الأخفش : يقال هو فقير له ، وإليه.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والمحاملي في أماليه من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) قال : ثلاثا وثلاثين سنة (وَاسْتَوى) قال : أربعين سنة. وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المعمرين من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه قال : الأشد ما بين الثماني عشرة إلى الثلاثين ، والاستواء ما بين الثلاثين إلى الأربعين ، فإذا زاد على الأربعين أخذ في النقصان. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عنه أيضا في قوله : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) قال : نصف النهار. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني ، عنه أيضا في الآية قال : ما بين المغرب والعشاء. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا (هذا مِنْ شِيعَتِهِ) قال : إسرائيلي (وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) قال : قبطي (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ) الإسرائيلي (عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) القبطي (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) قال : فمات ، قال فكبر ذلك على موسى. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) قال : هو صاحب موسى الذي استنصره بالأمس. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : الذي استنصره هو الذي استصرخه. وأخرج ابن المنذر عن الشعبي قال : من قتل رجلين فهو جبار ، ثم تلا هذه الآية؟ (إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ) وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لا يكون الرجل جبارا حتى يقتل نفسين. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : خرج موسى خائفا يترقب ، جائعا ليس معه زاد حتى انتهى إلى مدين ، و (عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) وامرأتان جالستان