والرشد والرشد ، والسقم والسقم ، وجملة (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) لتعليل ما قبلها ، أو للاعتراض لقصد التأكيد ؛ ومعنى خاطئين : عاصين آثمين في كل أفعالهم ، وأقوالهم ، وهو مأخوذ من الخطأ المقابل للصواب ، وقرئ خاطين بياء من دون همزة فيحتمل أن يكون معنى هذه القراءة معنى قراءة الجمهور ، ولكنها خففت بحذف الهمزة ، ويحتمل أن تكون من خطا يخطو ، أي : تجاوز الصواب (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) أي : قالت امرأة فرعون لفرعون ، وارتفاع قرّة : على أنه خبر مبتدأ محذوف ، قاله الكسائي وغيره. وقيل : على أنه مبتدأ وخبره (لا تَقْتُلُوهُ) قاله الزجاج ، والأوّل أولى. وكان قولها لهذا القول عند رؤيتها له لما وصل إليها وأخرجته من التابوت ، وخاطبت بقولها «لا تقتلوه» فرعون ومن عنده من قومه ، أو فرعون وحده على طريقة التعظيم له. وقرأ عبد الله بن مسعود «وقالت امرأة فرعون لا تقتلوه قرّة عين لي ولك» ويجوز نصب قرّة بقوله لا تقتلوه على الاشتغال. وقيل : إنها قالت : لا تقتلوه فإن الله أتى به من أرض بعيدة وليس من بني إسرائيل. ثم عللت ما قالته بالترجي منها لحصول النفع منه لهم ، أو التبني له فقالت : (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) فنصيب منه خيرا (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) وكانت لا تلد فاستوهبته من فرعون فوهبه لها ، وجملة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) في محل نصب على الحال ، أي : وهم لا يشعرون أنهم على خطأ في التقاطه ، ولا يشعرون أن هلاكهم على يده ، فتكون حالا من آل فرعون ، وهي من كلام الله سبحانه ، وقيل : هي من كلام المرأة ، أي : وبنو إسرائيل لا يدرون أنا التقطناه ، وهم لا يشعرون ، قاله الكلبي ، وهو بعيد جدا. وقد حكى الفراء عن السدّي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن قوله : «لا تقتلوه» من كلام فرعون واعترضه بكلام يرجع إلى اللفظ ، ويكفي في ردّه ضعف إسناده (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً) قال المفسرون : معنى ذلك أنه فارغ من كل شيء إلا من أمر موسى ، كأنها لم تهتم بشيء سواه. قال أبو عبيدة : خاليا من ذكر كل شيء في الدنيا إلا من ذكر موسى. وقال الحسن وابن إسحاق وابن زيد : فارغا مما أوحي إليها من قوله : «ولا تخافي ولا تحزني» ، وذلك لما سوّل الشيطان لها من غرقه وهلاكه. وقال الأخفش : فارغا من الخوف والغمّ لعلمها أنه لم يغرق بسبب ما تقدّم من الوحي إليها ، وروي مثله عن أبي عبيدة أيضا. وقال الكسائيّ : ناسيا ذاهلا. وقال العلاء بن زياد : نافرا. وقال سعيد بن جبير : والها ، كادت تقول وابناه من شدّة الجزع. وقال مقاتل : كادت تصيح شفقة عليه من الغرق. وقيل المعنى : أنها لما سمعت بوقوعه في يد فرعون ، طار عقلها من فرط الجزع ، والدهش. قال النحاس : وأصحّ هذه الأقوال : الأوّل ، والذين قالوه أعلم بكتاب الله ، فإذا كان فارغا من كل شيء إلا من ذكر موسى فهو فارغ من الوحي ، وقول من قال فارغا من الغمّ غلط قبيح لأن بعده «إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها» وقرأ فضالة بن عبيد الأنصاري ومحمد بن السميقع وأبو العالية وابن محيصن «فزعا» بالفاء والزاي والعين المهملة من الفزع ، أي خائفا وجلا. وقرأ ابن عباس «قرعا» بالقاف المفتوحة والراء المهملة المكسورة والعين المهملة من قرع رأسه : إذا انحسر شعره ، ومعنى وأصبح : وصار كما قال الشاعر :
مضى الخلفاء في أمر رشيد |
|
وأصبحت المدينة للوليد |