قال : اثقبي أذنيها واخفضيها ، والخفض : هو الختان ، ففعلت ذلك بها ، فوضعت هاجر في أذنيها قرطين فازدادت بهما حسنا ، فقالت سارة : أراني إنما زدتها جمالا فلم تقارّه (١) على كونه معها ، ووجد بها إبراهيم وجدا شديدا ، فنقلها إلى مكة ، فكان يزورها في كلّ يوم من الشام على البراق من شغفه بها وقلّة صبره عنها. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) قال : أسكن إسماعيل وأمه مكة. وأخرج ابن المنذر عنه قال : إن إبراهيم حين قال (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) لو قال أفئدة الناس تهوي إليهم لازدحمت عليه فارس والروم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحكم قال : سألت عكرمة وطاوسا وعطاء بن أبي رباح عن هذه الآية : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) فقالوا : البيت تهوي إليه قلوبهم يأتونه ؛ وفي لفظ قالوا : هواهم إلى مكة أن يحجّوا. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : (تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال : تنزع إليهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم الطائفي أن إبراهيم لما دعا للحرم (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ) نقل الله الطائف من فلسطين!. وأخرج ابن أبي حاتم عن الزهري قال : إن الله نقل قرية من قرى الشام فوضعها بالطائف لدعوة إبراهيم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان ، قال السيوطي : بسند حسن عن ابن عباس قال : لو كان إبراهيم عليهالسلام قال فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لحجّ اليهود والنصارى والناس كلهم ، ولكنه قال أفئدة من الناس فخصّ به المؤمنين. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله : (ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) قال : من الحزن. وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله : (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي) قال : من حبّ إسماعيل وأمه (وَما نُعْلِنُ) قال : ما نظهر لسارة من الجفاء لهما. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) قال : هذا بعد ذلك بحين. وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : بشر إبراهيم بعد سبع عشرة سنة ومائة سنة.
(وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦))
__________________
(١). قارّة مقارة : أي قرّ معه وسكن.