تفلحوا وتنجحوا ولكم الجنة ، قال : فما بقي رجل ولا امرأة ولا صبيّ إلا يرمون بالتراب والحجارة ويبزقون في وجهي ويقولون : كذاب صابئ ، فعرض عليّ عارض فقال : يا محمد إن كنت رسول الله فقد آن لك أن تدعو عليهم كما دعا نوح على قومه بالهلاك ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «اللهمّ اهد قومي فإنهم لا يعلمون» ، فجاء العباس عمه فأنقذه منهم وطردهم عنه. قال الأعمش : فبذلك يفتخر بنو العباس ويقولون : فيهم نزلت : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (١) هوي النبيّ صلىاللهعليهوسلم أبا طالب ، وشاء الله عباس بن عبد المطلب. وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه ، وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن عائشة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحرس حتى نزلت (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فأخرج رأسه من القبة فقال : «أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله». قال الحاكم في المستدرك : صحيح الإسناد ولم يخرّجاه. وأخرج الطبراني وابن مردويه من حديث أبي سعيد. وقد روي في هذا المعنى أحاديث. وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله قال : «لما غزا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بني أنمار نزل ذات الرقيع بأعلى نخل ، فبينما هو جالس على رأس بئر قد دلّى رجليه ، فقال الوارث من بني النجار : لأقتلنّ محمدا ، فقال له أصحابه : كيف تقتله؟ قال : أقول له أعطني سيفك فإذا أعطانيه قتلته به ؛ فأتاه فقال : يا محمد أعطني سيفك أشمه (٢) ، فأعطاه إياه ، فرعدت يده حتى سقط السيف من يده ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حال الله بينك وبين ما تريد ، فأنزل الله سبحانه (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) الآية. قال ابن كثير : وهذا حديث غريب من هذا الوجه. وأخرج ابن حبان في صحيحه وابن مردويه عن أبي هريرة نحو هذه القصة ولم يسمّ الرجل. وأخرج ابن جرير من حديث محمد بن كعب القرظي نحوه ، وفي الباب روايات. وقصة غورث بن الحارث ثابتة في الصحيح ، وهي معروفة مشهورة.
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٦٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩) لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٧١) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣)
__________________
(١). القصص : ٥٦.
(٢). أشمه : أختبره.