يعني الظهر والعصر (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) قال : المغرب والعشاء. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) قال : ساعة بعد ساعة ، يعني صلاة العشاء الآخرة. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه كان يستحب تأخير العشاء ، ويقرأ : زلفا من الليل. وأخرج ابن جرير ومحمد بن نصر وابن مردويه عن ابن مسعود في قوله : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) قال : الصلوات الخمس. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة ومحمد ابن نصر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) قال : الصلوات الخمس ، والباقيات الصالحات : الصلوات الخمس. وأخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم عن ابن مسعود : أن رجلا أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم فذكر ذلك له كأنه يسأل عن كفارتها ، فأنزلت عليه (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) فقال الرجل : يا رسول الله ألي هذه؟ قال : «هي لمن عمل بها من أمتي». وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود وغيرهم عن أبي أمامة. أن رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله أقمّ فيّ حدّ الله مرّة أو مرّتين ، فأعرض عنه ، ثم أقيمت الصلاة ، فلما فرغ قال : أين الرجل؟ قال : أنا ذا ، قال : أتممت الوضوء وصليت معنا آنفا؟ قال : نعم. قال : فإنك من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فلا تعد ، وأنزل الله حينئذ على رسوله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ)». وفي الباب أحاديث كثيرة بألفاظ مختلفة ، ووردت أحاديث أيضا «إن الصّلوات الخمس كفارات لما بينهنّ». وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : (ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) قال : هم الذين يذكرون الله في السرّاء والضرّاء ، والشدّة والرخاء ، والعافية والبلاء. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما نزع الذي قبّل المرأة تذكر فذلك قوله (ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ).
(فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩) وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (١٢٠) وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣))
هذا عود إلى أحوال الأمم الخالية لبيان أن سبب حلول عذاب الاستئصال بهم : أنه ما كان فيهم من ينهى عن الفساد ويأمر بالرشاد ، فقال : (فَلَوْ لا) أي : فهلّا (كانَ مِنَ الْقُرُونِ) الكائنة (مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ) من الرأي والعقل والدين (يَنْهَوْنَ) قومهم (عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) ويمنعونهم من ذلك لكونهم ممن جمع الله له بين جودة العقل ، وقوّة الدين ، وفي هذا من التوبيخ للكفار ما لا يخفى ، والبقية في الأصل