بعضها من بعض ، ومنه سميت المزدلفة : لأنها منزل بعد عرفة بقرب مكة. وقرأ ابن القعقاع وأبو إسحاق وغيرهما : (زُلَفاً) بضم اللام : جمع زليف ، ويجوز أن يكون واحدة زلفة. وقرأ ابن محيصن : بإسكان اللام. وقرأ مجاهد : زلفى مثل فعلى. وقرأ الباقون : (زُلَفاً) بفتح اللام كغرفة وغرف. قال ابن الأعرابي : الزلف : الساعات ، واحدتها زلفة. وقال قوم : الزلفة أوّل ساعة من الليل بعد مغيب الشمس. قال الأخفش : معنى زلفا من الليل : صلاة الليل. (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) أي : إن الحسنات على العموم ، ومن جملتها بل عمادها الصلاة يذهبن السيئات على العموم ؛ وقيل : المراد بالسيئات : الصغائر ، ومعنى يذهبن السيئات : يكفرونها حتى كأنها لم تكن ، والإشارة بقوله : (ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) إلى قوله : (فَاسْتَقِمْ) وما بعده. وقيل : إلى القرآن. (ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) : أي : موعظة للمتّعظين (وَاصْبِرْ) على ما أمرت به من الاستقامة وعدم الطغيان والركون إلى الذين ظلموا ، وقيل : إن المراد الصبر : على ما أمر به دون ما نهى عنه ، لأنه لا مشقة في اجتنابه ، وفيه نظر ، فإن المشقة في اجتناب المنهيّ عنه كائنة ، وعلى فرض كونها دون مشقة امتثال الأمر ، فذلك لا يخرجها عن مطلق المشقة (فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) أي : يوفيهم أجورهم ، ولا يضيع منها شيئا ، فلا يهمله ، ولا يبخسه بنقص.
وقد أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ) قال : ما قدّر لهم من خير أو شرّ. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في الآية قال : من العذاب. وأخرجا عن أبي العالية. قال : من الرزق. وأخرجا أيضا عن قتادة في قوله : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) قال : أمر الله نبيه أن يستقيم على أمره ، ولا يطغى في نعمته. وأخرج أبو الشيخ عن سفيان في الآية قال : استقم على القرآن. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) قال : شمروا ، شمروا ، فما رؤي ضاحكا. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج (وَمَنْ تابَ مَعَكَ) قال : آمن. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن العلاء بن عبد الله ابن بدر في قوله : (وَلا تَطْغَوْا) قال : لم يرد أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم إنما عنى : الذين يجيئون من بعدهم. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس (وَلا تَطْغَوْا) يقول : لا تظلموا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : الطغيان : خلاف أمره ، وارتكاب معصيته. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) قال : يعني الركون إلى الشرك. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه (وَلا تَرْكَنُوا) قال : لا تميلوا. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا قال : (وَلا تَرْكَنُوا) لا تدهنوا. وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة في الآية قال : أن تطيعوهم أو تودّوهم أو تصطنعوهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) قال : صلاة المغرب والغداة (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) قال : صلاة العتمة. وأخرجا عن الحسن قال : الفجر والعصر (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) قال : هما زلفتان : صلاة المغرب وصلاة العشاء. قال : وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «هما زلفتا الليل». وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في الطرفين قال : صلاة الفجر ، وصلاتي العشيّ :