هو الكاذب؟ وفيه تعريض بكذبهم في قولهم : (لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) ؛ وقيل : إن : من ، مبتدأ ، وما بعدها صلتها ، والخبر محذوف ، والتقدير : من هو كاذب فسيعلم كذبه ويذوق وبال أمره. قال الفراء : إنما جاء ب : هو في (مَنْ هُوَ كاذِبٌ) لأنهم لا يقولون من قائم : إنما يقولون من قام ، ومن يقوم ، ومن القائم ، فزادوا هو ليكون جملة تقوم مقام فعل ويفعل. قال النحاس : ويدل على خلاف هذا قول الشاعر :
من رسولي إلى الثريّا بأنّي |
|
ضقت ذرعا بهجرها والكتاب |
(وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) أي : انتظروا إني معكم منتظر لما يقضي به الله بيننا (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) أي : لما جاء عذابنا ، أو أمرنا بعذابهم ؛ نجينا شعيبا وأتباعه الذين آمنوا به (بِرَحْمَةٍ مِنَّا) لهم بسبب إيمانهم ، أو برحمة منا لهم ، وهي : هدايتهم للإيمان (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا) غيرهم بما أخذوا من أموالهم بغير وجه وظلموا أنفسهم بالتصميم على الكفر (الصَّيْحَةُ) التي صاح بهم جبرائيل حتى خرجت أرواحهم من أجسادهم ، وفي الأعراف : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) وكذا في العنكبوت. وقد قدّمنا أن الرجفة : الزلزلة ، وأنها تكون تابعة للصيحة لتموّج الهواء المفضي إليها (فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) أي : ميتين. وقد تقدّم تفسيره وتفسير : (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها) قريبا ، وكذا تفسير : (أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) وحكى الكسائي : أن أبا عبد الرحمن السلمي قرأ : كما بعدت ثمود بضم العين. قال المهدوي : من ضم العين من بعدت فهي لغة يستعمل في الخير والشرّ ، وبعدت بالكسر على قراءة الجمهور يستعمل في الشرّ خاصة ، وهي هنا بمعنى اللعنة.
وقد أخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) قال : رخص السعر (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) قال : غلاء السعر. وأخرج ابن جرير عنه (بَقِيَّتُ اللهِ) قال : رزق الله. وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن قتادة : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ) يقول : حظّكم من ربّكم خير لكم. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن مجاهد قال : طاعة الله. وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله : (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ) قال : أقراءتك. وأخرج ابن عساكر عن الأحنف : أن شعيبا كان أكثر الأنبياء صلاة. وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله : (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا) قال : نهاهم عن قطع هذه الدنانير والدراهم فقالوا : إنما هي أموالنا نفعل فيها ما نشاء ، إن شئنا قطعناها ، وإن شئنا أحرقناها ، وإن شئنا طرحناها. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن محمد بن كعب نحوه. وأخرجنا عن زيد بن أسلم نحوه أيضا. وأخرج عبد الرزاق ، وابن سعد ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، وعبد بن حميد عن سعيد بن المسيب نحوه أيضا. وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) قال : يقولون إنك لست بحليم ولا رشيد. وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن قتادة قال : استهزاء به. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) قال : الحلال.