الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) قال : حق عليهم سخط الله بما عصوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ) يقول : فما كانت قرية آمنت. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال : لم يكن هذا في الأمم قبل قوم يونس لم ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين عاينت العذاب إلا قوم يونس ، فاستثنى الله قوم يونس. قال : وذكر لنا أن قوم يونس كانوا بنينوى من أرض الموصل ، فلما فقدوا نبيهم قذف الله في قلوبهم التوبة فلبسوا المسوح وأخرجوا المواشي وفرّقوا بين كل بهيمة وولدها ، فعجّوا إلى الله أربعين صباحا ، فلما عرف الله الصدق من قلوبهم والتوبة والندامة على ما مضى منهم كشف عنهم العذاب بعد ما تدلّى عليهم لم يكن بينهم وبين العذاب إلا ميل. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : إن يونس دعا قومه ، فلما أبوا أن يجيبوه وعدهم العذاب ، فقال : إنه يأتيكم يوم كذا وكذا ، ثم خرج عنهم ، وكانت الأنبياء إذا وعدت قومها العذاب خرجت ، فلما أظلهم العذاب خرجوا ففرقوا بين المرأة وولدها ، وبين السخلة وولدها (١) ، وخرجوا يعجون إلى الله ، وعلم الله منهم الصدق فتاب عليهم وصرف عنهم العذاب ، وقعد يونس في الطريق يسأل عن الخبر ، فمرّ به رجل فقال : ما فعل قوم يونس؟ فحدّثه بما صنعوا ، فقال : لا أرجع إلى قوم قد كذبتهم ، وانطلق مغاضبا : يعني مراغما. وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : غشي قوم يونس العذاب كما يغشى القبر بالثوب إذا دخل فيه صاحبه. ومطرت السماء دما. وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير عن ابن عباس أنّ العذاب كان هبط على قوم يونس لم يكن بينهم وبينه إلّا قدر ثلثي ميل ، فلما دعوا كشفه الله عنهم. وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي الجلد قال : لما غشي قوم يونس العذاب مشوا إلى شيخ من بقية علمائهم ، فقالوا له : ما ترى؟ قال : قولوا يا حيّ حين لا حيّ ، ويا حيّ محيي الموتى ، ويا حيّ لا إله إلّا أنت ، فقالوا ؛ فكشف عنهم العذاب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ) قال : السّخط. وأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال : الرّجس : الشيطان ، والرّجس : العذاب.
(قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (١٠١) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٣) قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٤) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٥) وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ
__________________
(١). هكذا وردت العبارة. والأولى أن يقول : بين السخلة ووالدتها.