رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينظر ما ينزل عليه ، إذ جاء أعمى فقال : كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى؟ فنزلت (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ) الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : أنزلت هذه الآية في عابد بن عمر المزني. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : نزل من عند قوله : (عَفَا اللهُ عَنْكَ) إلى قوله : (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) في المنافقين. وأخرج أبو الشيخ عن الضّحّاك في قوله : (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) قال : ما على هؤلاء من سبيل بأنهم نصحوا الله ورسوله ، ولم يطيقوا الجهاد ، فعذرهم الله ، وجعل لهم من الأجر ما جعل للمجاهدين ، ألم تسمع أن الله يقول : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) (١) فجعل الله للذين عذر من الضعفاء ، وأولي الضرر ، والذين لا يجدون ما ينفقون من الأجر مثل ما جعل للمجاهدين. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) قال : (وَاللهُ) لأهل الإساءة (غَفُورٌ رَحِيمٌ). وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ) الآية ، قال : أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن ينبعثوا غازين معه ، فجاءت عصابة من أصحابه فيهم عبد الله بن مغفل المزني ، فقالوا : يا رسول الله! احملنا ، فقال : والله ما أجد ما أحملكم عليه ، فتولوا ولهم بكاء ، وعزيز عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ، ولا يجدون نفقة ، ولا محملا ، فأنزل الله عذرهم (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ) الآية. وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبد الله بن مغفل قال : إني لا أجد الرّهط الذين ذكر الله (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ) الآية. وأخرج ابن جرير عن محمد ابن كعب قال : هم سبعة نفر : من بني عمر بن عوف : سالم بن عمير ، ومن بني واقف : حرميّ بن عمرو ، ومن بني مازن بن النجار : عبد الرحمن بن كعب يكنى أبا ليلى ، ومن بني المعلى : سلمان بن صخر ، ومن بني حارثة : عبد الرحمن بن زيد أبو عبلة ، ومن بني سلمة : عمرو بن غنمة ، وعبد الله بن عمرو المزني. وقد اتفق الرواة على بعض هؤلاء السبعة. واختلفوا في البعض ، ولا يأتي التطويل في ذلك بكثير فائدة ، وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر وأبو الشيخ عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم أن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم البكّاؤون ، وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم ، ثم ذكروا أسماءهم ، وفيه : فاستحملوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكانوا أهل حاجة. قال (لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ). وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن الحسن قال : كان معقل بن يسار من البكّائين الذين قال الله : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك في قوله : (لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ) قال : الماء والزاد. وأخرج ابن المنذر عن عليّ بن صالح قال : حدّثني مشيخة من جهينة ، قالوا : أدركنا الذين سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم الحملان ، فقالوا : ما سألناه إلا الحملان على النّعال. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم ابن أدهم عمن حدّثه في قوله : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ) قال : ما سألوه الدوابّ ، ما سألوه إلا النّعال. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن صالح في الآية قال : استحملوه النّعال. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ) قال : هي وما بعدها إلى
__________________
(١). النساء : ٩٥.