رسوله ، أو دين الحق بما اشتمل عليه من الحجج والبراهين ، وقد وقع ذلك ولله الحمد (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) الكلام فيه كالكلام في (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) كما قدّمنا ذلك.
وقد أخرج ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن ابن عباس قال : أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم سلام بن مشكم ، ونعمان بن أوفى ، وأبو أنس ، وشاس بن قيس ، ومالك بن الصيف فقالوا : كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزير ابن الله؟ فأنزل الله (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) الآية. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عنه قال : كنّ نساء بني إسرائيل يجتمعن بالليل فيصلين ويعتزلن ويذكرن ما فضل الله به بني إسرائيل وما أعطاهم ، ثم سلّط عليهم شرّ خلقه بختنصر ، فحرق التوراة وخرّب بيت المقدس ، وعزير يومئذ غلام ، فقال عزير : أو كان هذا؟ فلحق بالجبال والوحش فجعل يتعبّد فيها ، وجعل لا يخالط الناس ، فإذا هو ذات يوم بامرأة عند قبر وهي تبكي. فقال : يا أمه! اتقي الله ، واحتسبي ، واصبري ، أما تعلمين أنّ سبيل الناس إلى الموت؟ فقالت : يا عزيز! أتنهاني أن أبكي وأنت قد خلفت بني إسرائيل ولحقت بالجبال والوحش؟ ثم قالت : إني لست بامرأة ولكنّي الدنيا ، وإنه سينبع في مصلّاك عين وتنبت شجرة ، فاشرب من ماء العين ، وكل من ثمر الشجرة ، فإنه سيأتيك ملكان فاتركهما يصنعان ما أرادا ؛ فلما كان من الغد نبعت العين ونبتت الشجرة ، فشرب من ماء العين وأكل من ثمرة الشجرة ، وجاء ملكان ومعهما قارورة فيها نور ، فأوجراه ما فيها : فألهمه الله التوراة ، فجاء فأملاه على الناس ، فعند ذلك قالوا عزير ابن الله ، تعالى الله عن ذلك. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا فذكر قصة وفيها : أن عزير سأل الله بعد ما أنسى بني إسرائيل التوراة ؛ ونسخها من صدورهم ؛ أن يردّ الذي نسخ من صدره. فبينما هو يصلي نزل نور من الله عزوجل فدخل جوفه ، فعاد إليه الذي كان ذهب من جوفه من التوراة ، فأذن في قومه فقال : يا قوم! قد آتاني الله التوراة وردّها إليّ. وأخرج أبو الشيخ عن كعب قال : دعا عزير ربه أن يلقي التوراة كما أنزل على موسى في قلبه ، فأنزلها الله عليه ، فبعد ذلك قالوا : عزير ابن الله. وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس قال : ثلاث أشك فيهن : فلا أدري عزير كان نبيا أو لا؟ ولا أدري ألعن تبع أم لا؟ قال : ونسيت الثالثة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله : (يُضاهِؤُنَ) قال : يشبهون. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عنه في قوله : (قاتَلَهُمُ اللهُ) قال : لعنهم الله ، وكلّ شيء في القرآن قتل فهو : لعن. وأخرج ابن سعد ، وعبد بن حميد ، والترمذي وحسّنه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ وابن مردويه ، والبيهقي في سننه ، عن عدي بن حاتم قال : أتيت النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يقرأ في سورة براءة : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) فقال : أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ، ولكنهم كانوا إذا أحلّوا لهم شيئا استحلّوه ، وإذا حرّموا عليهم شيئا حرّموه. وأخرجه أيضا أحمد وابن جرير. وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في سننه ، عن أبي البحتري قال : سأل رجل حذيفة فقال : أرأيت قوله : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) أكانوا يعبدونهم؟ قال : لا ، ولكنهم