وقد أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) قال : عهدهم. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : يقول الله لنبيّه وإن نكثوا العهد الذي بينك وبينهم فقاتلهم إنّهم أئمة الكفر. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله أئمة الكفر قال : أبو سفيان بن حرب ، وأميّة بن خلف ، وعتبة بن ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وهم الذين نكثوا عهد الله ، وهمّوا بإخراج الرسول من مكة. وأخرج ابن عساكر عن مالك ابن أنس مثله. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) قال : رؤوس قريش. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر قال : أبو سفيان بن حرب منهم. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن أنهم الديلم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن حذيفة أنهم ذكروا عنده هذه الآية فقال : ما قوتل أهل هذه الآية بعد ، وأخرج ابن مردويه عن عليّ نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن مردويه عن حذيفة قال : ما بقي من أهل هذه الآية إلا ثلاثة ، ولا من المنافقين إلا أربعة ، فقال أعرابيّ : إنكم أصحاب محمد تخبروننا بأمور ولا ندري ما هي فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا ويسرقون أعلاقنا (١) ، قال : أولئك الفساق ، أجل لم يبق منهم إلا أربعة ، أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده ، والأولى أن الآية عامة في كل رؤساء الكفار من غير تقييد بزمن معني أو بطائفة معينة اعتبارا بعموم اللفظ لا بخصوص السّبب ، ومما يفيد ذلك ما أخرجه ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن ابن جبير بن نفير أنه كان في عهد أبي بكر الصديق إلى الناس حين وجههم إلى الشام قال : إنكم ستجدون قوما مجوفة رؤوسهم ، فاضربوا مقاعد الشّيطان منهم بالسيوف ، فو الله لأن أقتل رجلا منهم أحبّ إليّ من أن أقتل سبعين من غيرهم ، وذلك بأن الله يقول : (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ). وأخرج أبو الشيخ عن حذيفة (لا أَيْمانَ لَهُمْ) قال : لا عهود لهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمار مثله. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) قال : قتال قريش حلفاء النبي صلىاللهعليهوسلم وهمّهم بإخراج الرسول ، زعموا أن ذلك عام عمرة النبي صلىاللهعليهوسلم في العام التابع للحديبية (٢) ، نكثت قريش العهد ، عهد الحديبية ، وجعلوا في أنفسهم إذا دخلوا مكة أن يخرجوا منها ؛ فذلك همّهم بإخراجه ، فلم تتابعهم خزاعة على ذلك ، فلما خرج النبي صلىاللهعليهوسلم من مكة قالت قريش لخزاعة : عميتمونا عن إخراجه ، فقاتلوهم ، فقتلوا منهم رجالا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال : نزلت في خزاعة (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ) الآية. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدّي نحوه. وأخرج أبو الشيخ عن قتادة نحوه أيضا ، وقد ساق القصة ابن إسحاق في سيرته ، وأورد فيها النظم الذي أرسلته خزاعة إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وأوّله :
__________________
(١). قال في القاموس : العلق : النفيس من كل شيء.
(٢). أي في العام السابع للهجرة حيث أدى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمرة القضاء.