عنه قال : (سُوءَ الْعَذابِ) الخراج ، وفي قوله : (وَقَطَّعْناهُمُ) قال : هم اليهود بسطهم الله في الأرض ، فليس منها بقعة إلا وفيها عصابة منهم وطائفة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في قوله : (لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ) قال : على اليهود والنصارى (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) فبعث الله عليهم أمة محمد صلىاللهعليهوسلم يأخذون منهم الجزية وهم صاغرون (وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً) قال : يهود (مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ) وهم مسلمة أهل الكتاب (وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ) قال : اليهود (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ) قال : الرخاء والعافية (وَالسَّيِّئاتِ) قال : البلاء والعقوبة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ) بالخصب والجدب. وأخرج أبو الشيخ عنه أنه سئل عن هذه الآية (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى) قال : أقوام يقبلون على الدنيا فيأكلونها ويتبعون رخص القرآن (وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا) ولا يعرض لهم شيء من الدنيا إلا أخذوه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) قال : النصارى (يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى) قال : ما أشرف لهم من شيء من الدنيا حلالا أو حراما يشتهونه أخذوه ويتمنون المغفرة ، وإن يجدوا آخر مثله يأخذوه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) الآية ، يقول : يأخذون ما أصابوا ويتركون ما شاؤوا من حلال أو حرام (وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا). وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) فيما يوجبون على الله من غفران ذنوبهم التي لا يزالون يعودون إليها ولا يتوبون منها. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي زيد في قوله : (وَدَرَسُوا ما فِيهِ) قال : علموا ما في الكتاب ، لم يأتوه بجهالة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) قال : هي لأهل الإيمان منهم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) قال : من اليهود والنصارى.
(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١))
قوله : (وَإِذْ) منصوب بفعل مقدر معطوف على ما قبله ، أي : واسألهم إذ نتقنا الجبل ؛ أي : رفعنا الجبل (فَوْقَهُمْ) و (كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) أي : كأنه لارتفاعه سحابة تظلهم ، والظلة : اسم لكل ما أظلّ ، وقرئ «طلة» بالطاء ، من أطلّ عليه إذا أشرف (وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) أي : ساقط عليهم. قيل : الظنّ هنا بمعنى العلم ، وقيل : هو على بابه (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) هو على تقدير القول ، أي : وقلنا لهم خذوا ، والقوّة : الجدّ والعزيمة ، أي : أخذا كائنا بقوّة (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) من الأحكام التي شرعها الله لكم ولا تنسوه (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) رجاء أن تتقوا ما نهيتم عنه وتعملوا بما أمرتم به ، وقد تقدّم تفسير ما هنا في البقرة مستوفى فلا نعيده.