عصاه ، ثم خرج ليس أحد من الناس إلا نفر منه ، فلما أفاق وذهب عن فرعون الروع قال للملأ حوله : ماذا تأمروني (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ) ولا تأتنا به ولا يقربنا (وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) وكانت السحرة يخشون من فرعون ، فلما أرسل إليهم قالوا : قد احتاج إليكم إلهكم ، قال : إن هذا فعل كذا وكذا ، قالوا : إن هذا ساحر سحر (إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ ـ قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ). وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال : عصا موسى اسمها ماشا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عنه في قوله : (فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) قال : الحية الذكر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدّي في قوله : (فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) قال : الذكر من الحيات فاتحة فمها واضعة لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سور القصر ، ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه ، فلما رآها ذعر منها ووثب ، فأحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك ، فصاح يا موسى خذها وأنا أؤمن بربك وأرسل معك بني إسرائيل ، فأخذها موسى فصارت عصا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (أَرْجِهْ) قال : أخّره. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : احبسه وأخاه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس من طرق في قوله : (وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) قال : الشرط. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه في قوله : (وَجاءَ السَّحَرَةُ) قال : كانوا سبعين رجلا ، أصبحوا سحرة ، وأمسوا شهداء.
وقد اختلفت كلمة السلف في عددهم ؛ فقيل : كانوا سبعين كما قال ابن عباس ، وقيل : كانوا اثني عشر ، وقيل : خمسة عشر ألفا ، وقيل : سبعة عشر ألفا ، وقيل : تسعة عشر ألفا ، وقيل : ثلاثين ألفا ، وقيل : سبعين ألفا ، وقيل : ثمانين ألفا ، وقيل : ثلاثمائة ألف ، وقيل : تسعمائة ألف. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (إِنَّ لَنا لَأَجْراً) أي عطاء. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (فَلَمَّا أَلْقَوْا) قال : ألقوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا ، فأقبلت يخيّل إليه من سحرهم أنها تسعى. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدّي قال : ألقى موسى عصاه فأكلت كلّ حيّة لهم ، فلما رأوا ذلك سجدوا. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن مجاهد في قوله : (تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) قال : ما يكذبون. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله : (تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) قال : تسترط (١) حبالهم وعصيهم. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال : التقى موسى وأمير السحرة ، فقال له موسى : أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به حق؟ فقال الساحر : لآتين غدا بسحر لا يغلبه سحر ، فو الله لئن غلبتني لأومننّ بك ولأشهدنّ أنه حق ، وفرعون ينظر إليهما ، وهو قول فرعون (إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ). وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي قال : لما خرّ السحرة سجّدا رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها.
__________________
(١). تسترط : أي تبتلع.