ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) قال : سرّها وعلانيتها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ) قال : خشية الفقر (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) قال : كانوا في الجاهلية لا يرون بالزّنا بأسا في السرّ ويستقبحونه في العلانية ، فحرّم الله الزنا في السرّ والعلانية. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً) قال : اعلموا أنّ السّبيل سبيل واحد جماعه الهدى ومصيره الجنة ، وأن إبليس اشترع سبلا متفرّقة جماعة الضلالة ومصيرها النار. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبزار والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : «خطّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطا بيده ثم قال : هذا سبيل الله مستقيما ، ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله ثم قال : وهذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ، ثم قرأ (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ). وأخرج أحمد وابن ماجة وابن مردويه من حديث جابر نحوه. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن مردويه عن ابن مسعود أنّ رجلا سأله : ما الصّراط المستقيم؟ قال : تركنا محمد صلىاللهعليهوسلم في أدناه وطرفه الجنة ، وعن يمينه جوادّ وعن شماله جوادّ ، وثم رجال يدعون من مرّ بهم ، فمن أخذ في تلك الجوادّ انتهت به إلى النار ، ومن أخذ على الصراط المستقيم انتهى به إلى الجنة ، ثم قرأ ابن مسعود (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) قال : الضّلالات.
(ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧))
هذا الكلام مسوق لتقرير التوصية التي وصى الله عباده بها ، وقد استشكل العطف بثم مع كون قصة موسى وإيتائه الكتاب قبل المعطوف عليه ، وهو ما تقدم من قوله : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) فقيل : إنّ ثم هاهنا بمعنى الواو ؛ وقيل : تقدير الكلام : ثم كنا قد آتينا موسى الكتاب قبل إنزالنا القرآن على محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ وقيل : المعنى : قل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم ، ثم أتل إيتاء موسى الكتاب ، وقيل : إن التوصية المعطوف عليها قديمة لم يزل كل نبيّ يوصي بها أمته ؛ وقيل : إن ثم للتراخي في الإخبار كما تقول : بلغني ما صنعت اليوم ثم ما صنعت بالأمس أعجب. قوله : (تَماماً) مفعول لأجله أو مصدر ، و (عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) قرئ بالرفع وهي قراءة يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق ، فيكون رفع أحسن على تقدير مبتدأ : أي على الذي هو أحسن ، ومنه ما حكى سيبويه عن الخليل أنه سمع : ما أنا بالذي قائل لك شيئا. وقرأ الباقون بالنصب على أنه فعل ماض عند البصريين ، وأجاز الفراء والكسائي أن يكون اسما نعتا للذي ، وهذا محال عند البصريين لأنه نعت للاسم