البعير ولا النعامة ، ولا قائمة الوزينة (١) فلا تأكل اليهود الإبل ولا النعام ولا الوزينة ، ولا كل شيء لم تنفرج قائمته كذلك ، ولا تأكل حمار الوحش. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله : (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) يعني ما علق بالظهر من الشحم (أَوِ الْحَوايا) هي المبعر. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صالح في قوله : (إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) قال : الألية (أَوِ الْحَوايا) قال : المبعر (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) قال : الشحم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : (أَوِ الْحَوايا) قال : المباعر. وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن الضحاك (أَوِ الْحَوايا) قال : المرائض والمباعر. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) قال : الألية اختلط شحم الألية بالعصعص فهو حلال ، وكلّ شحم القوائم والجنب والرأس والعين والأذن يقولون قد اختلط ذلك بعظم فهو حلال لهم ، إنما حرّم عليهم الثرب وشحم الكلية ، وكلّ شيء كان كذلك ليس في عظم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ) قال : اليهود. وأخرج ابن أبي حاتم عن السديّ قال : كانت اليهود يقولون : إنّ ما حرمه إسرائيل فنحن نحرّمه ، فذلك قوله : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ) الآية.
(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩) قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠))
أخبر الله عن المشركين أنهم سيقولون هذه المقالة ، وهم كفّار قريش أو جميع المشركين ، يريدون أنه لو شاء الله عدم شركهم ما أشركوا هم ولا آباؤهم ، ولا حرّموا شيئا من الأنعام كالبخيرة ونحوها ، وظنّوا أنّ هذا القول يخلّصهم عن الحجّة التي ألزمهم بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنّ ما فعلوه حقّ ، ولو لم يكن حقّا لأرسل الله إلى آبائهم الذين ماتوا على الشرك ، وعلى تحريم ما لم يحرمه الله رسلا يأمرونهم بترك الشرك وبترك التحريم لما لم يحرمه الله ، والتحليل لما لم يحلله (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي : مثل ما كذب هؤلاء كذب من قبلهم من المشركين أنبياء الله (حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) أي : استمروا على التكذيب حتى ذاقوا بأسنا الذي أنزلناه بهم ، ثم أمره الله أن يقول لهم : (هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا) أي : هل عندكم دليل صحيح يعد من العلم النافع فتخرجوه إلينا لننظر فيه ونتدبّره؟ والمقصود من هذا : التبكيت لهم ، لأنه قد علم أنه
__________________
(١). قال في القاموس : الوزّ : الإوزّ ، كالوزّين.