نسخت الوصية وفرضت الفرائض وعمل المسلمون بها. وأخرج ابن جرير أيضا عن الزهري قال : مضت السّنّة أن لا تجوز شهادة كافر في حضر ولا سفر ، إنما هي في المسلمين. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عبيدة في قوله : (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) قال : صلاة العصر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : (لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً) قال : لا نأخذ به رشوة (وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) وإن كان صاحبها بعيدا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) أي اطّلع منهما على خيانة على أنهما كذبا أو كتما. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : (الْأَوْلَيانِ) قال : بالميت. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها) يقول : ذلك أحرى أن يصدقوا في شهادتهم (أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) يقول : وأن يخافوا العتب. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : (أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) قال : فتبطل أيمانهم وتؤخذ أيمان هؤلاء.
(يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (١٠٩) إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١١٠) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (١١١))
قوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) العامل في الظرف فعل مقدّر : أي اسمعوا ، أو اذكروا ، أو احذروا. وقال الزجاج : هو منصوب بقوله : (وَاتَّقُوا اللهَ) المذكور في الآية الأولى ؛ وقيل : بدل من مفعول (اتَّقُوا) بدل اشتمال ؛ وقيل : ظرف لقوله : (لا يَهْدِي) المذكور قبله ؛ وقيل : منصوب بفعل مقدّر متأخر تقديره : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) يكون من الأحوال كذا وكذا. قوله : (ما ذا أُجِبْتُمْ) أي أيّ إجابة أجابتكم به أممكم الذين بعثكم الله إليهم؟ أو أيّ جواب أجابوكم به؟ وعلى الوجهين تكون ما منصوبة بالفعل المذكور بعدها ، وتوجيه السؤال إلى الرسل لقصد توبيخ قومهم ، وجوابهم بقولهم : (لا عِلْمَ لَنا) مع أنهم عالمون بما أجابوا به عليهم ، تفويض منهم ، وإظهار للعجز ، وعدم القدرة ، ولا سيما مع علمهم بأن السؤال سؤال توبيخ فإن تفويض الجواب إلى الله أبلغ في حصول ذلك ؛ وقيل المعنى : لا علم لنا لما أحدثوا بعدنا ؛ وقيل : لا علم لنا بما اشتملت عليه بواطنهم ؛ وقيل المعنى : لا علم لنا إلا علم ما أنت أعلم به منا ؛ وقيل : إنهم ذهلوا عما أجاب به قومهم لهول المحشر. قوله : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) إذ : بدل من : يوم يجمع ، وهو تخصيص بعد التعميم وتخصيص عيسى عليهالسلام من بين الرسل لاختلاف طائفتي اليهود والنصارى فيه إفراطا وتفريطا ، هذه تجعله إلها ، وهذه تجعله كاذبا ، وقيل : هو منصوب بتقدير اذكر.