الخامس : يدل قوله تعالى : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) على ان الأوهام الباطلة والمغالطات توجب عزل الفكر عن الواقع وبعد الإنسان عن الحق.
السادس : يستفاد من قوله تعالى : (وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ان المناط في كل دين وملة هو الخضوع والطاعة لله تعالى ونبذ الشرك بكل انحائه وبهذا الاعتبار لم يكن ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا لكونهما مشتملين على الشرك.
السابع : إنما قال سبحانه وتعالى : (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ). ولم يقل : (والله وليهم) إيماء إلى ان الإيمان هو العلة في ولايته تعالى لعباده المؤمنين ، للقاعدة المعروفة بين الأدباء : ان تعليق الحكم على الوصف يشعر بالعلية.
الثامن : يستفاد من قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) الفرق والاختلاف بين الواقع والاعتقاد وأنهما أمران قد يتطابقان وقد يختلفان ، ومن ذلك جاء الاختلاف والتنازع في العلوم والمعارف الانسانية ، وأساس المغالطات على هذا الاختلاف ، وهو يدور مدار قلة التأمل والتفكر وكثرتهما. ولذا ورد في القرآن الكريم والسنة المقدسة الترغيب الكبير إلى التفكر والتعقل ، ولعل من اسرار ذلك رفع التنازع والاختلاف بين الناس ولو وفق فرد لتمييز الاعتقاد الصحيح المطابق للواقع عن غيره لارتفع النزاع وقلّ التشاجر والتناحر بين الأنام ، لكن الخلاف والاختلاف غريزة لا يمكن رفعها ، ولا دفعها.