كما بين عزوجل ذلك في الآيات السابقة قال تعالى : (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) وان موت كل فرد انما يكون باذن الله عزوجل قال تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) آل عمران ـ ١٤٥ وغير ذلك من الآيات الشريفة الدالة على ذلك ، وان القضاء والقدر وايكال الأمر إليهما اصل من اصول الدين. ويكفي في بطلان قولهم ومخالفته للعقل انهم يعتقدون ان من مات أو قتل فقد ختم حياته وانتهى أمره كما تدل عليه كلمة «لو» في قوله تعالى (لَوْ كانُوا) الدالة على امتناع موتهم أو قتلهم عند حضورهم لديهم ولكنهم غافلون عن حقيقة الأمر.
قوله تعالى : (لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ).
اي : ان قولهم واعتقادهم انما يبعث في نفوسهم الحسرة واللام للعاقبة.
يعني : تكون عاقبة اعتقادهم الحسرة والندامة فيعذبون بهما ، والجملة من قبيل وضع الغاية موضع المغيى ، فإنهم يتألمون كل ما يفكرون في أمواتهم قتلا أو غيره ويتحسرون عليهم ويتأسفون ويقولون لما ذا تركناهم يسافرون أو يغزون ، ولم ندفع عنهم السوء فيزيدهم ضعفا ويورثهم ندما وحسرة.
قوله تعالى : (وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ).
رد لمزاعمهم الباطلة وبيان لحقيقة الأمر التي لا بد من الاعتقاد بها وهي ان الله تعالى بيده امر الحياة والموت وهما من الأمور المختصة به عزوجل وحده فيحيي من يشاء من عباده ويميت من يشاء بمقتضى قواعد وسنن خاصة لا يعلمها إلا هو لان اسرار القضاء والقدر في التكوينيات مما لا يمكن للعقل الاحاطة بها فإذا تحقق مؤثرهما فلا محالة تقع الحياة أو الموت