وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) ان تمحيص المؤمنين يستلزم محق الكافرين ، فان الله تعالى ينقص الكافرين شيئا فشيئا حتى يفنيهم ويقيم دولة الحق وتظهر كلمة الله ويستولي اهل الحق والعدل على الظلم والعدوان.
الثامن : يستفاد من اطلاق ما تقدم من قوله تعالى : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) ان التمحيص كما يقع على الفرد يقع على المجتمع أيضا فإذا وقع على المؤمن اقتضى ظهور فضائله الكامنة وإذا وقع على المجتمع يوجب تمييز المؤمن عن الكافر والمنافق.
واما المحق فانه يتحقق بعد توارد الامتحانات الإلهية على الكافر التي توجب ظهور الخبائث الكامنة في الكافر وزوال الفضائل الظاهرية فكان ذلك محقا تدريجيا حتى ظهور دولة الحق التي تقضي على اصل الظلم والعدوان قال تعالى : (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) الأنبياء ـ ١٠٥ وانما قدم عزوجل التمحيص على المحق لسبق رحمته على غضبه.
التاسع : يدل قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) على ان دخول الجنة انما يكون بالمجاهدة والصبر ، وبهذين العمادين انتظم النظام الأحسن وحفظ المجتمع الاسلامي وأقيمت وحدته وتحققت شوكته وان الظفر والفوز في الدنيا والدخول في الجنة في الآخرة لا يكون بالأماني والغرور بل بالمجاهدة والمكافحة والمصابرة.
والآية الشريفة تبين حقيقة من الحقائق الواقعية التي لا يمكن التخلف فيها وسنة الهية لا يدخل فيها التغيير والتبديل.
العاشر : يدل قوله تعالى : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) على انه لا بد للمؤمنين محاسبة أنفسهم وامتحان قلوبهم في كل ما يريدون