وإن كان صحيحا في نفسه ولكنه تخصيص بلا موجب.
وقيل : الخطاب للملائكة أمروا بالشهادة على الأنبياء والأمم ، وقد وردت به رواية أيضا. وفيه : انه خلاف الظاهر.
والحق أن الشهادة عامة ، وهي من الأنبياء على الأمم وبالعكس من قبيل مقابلة الجمع بالجمع.
ثم إن هذه المحاورة التي وقعت في الآية الشريفة إنما هي لتأكيد الميثاق وتثبيته ، وبيان أهميته ، وظاهرها الاخبار بوقوعها في ما مضى من الزمان لا أن يكون من مجرد التمثيل ، ولكنها مجملة في تعيين زمان هذه المحاورة ، فأصل السبق الزماني معلوم وأما تعيينه في انه كان في عالم الذر الأول ، أو الثاني ، أو انه كان في عالم المثال المعبر عنه بعالم الأشباح والاظلة ، أو انه كان في الأعيان الثابتة المسماة بالثابتات الأزلية ـ بناء على صحة هذا القول ـ أو انه من قبيل لوازم الماهيات الممكنة مطلقا ولو في هذا العالم ، أو غير ذلك احتمالات ، ولا يظهر من الآيات الشريفة ، والادلة العقلية والنقلية تعيين واحد منها.
قوله تعالى : (فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ).
تأكيد للميثاق المذكور ، أي من تولّى بعد أخذ الميثاق منه وإقراره به ، فلا ريب في فسقه وخروجه عن طاعة الله تعالى ، بحكم العقل والفطرة ، لأنهما يحكمان بوجوب الوفاء بالعهد. فان كان توليه عن أصل الايمان بالتوحيد والمعاد فهو كافر مضافا إلى فسقه ، وإن كان توليه عن العمل بالاحكام فهو وإن كان فاسقا ولكنه ليس بكافر إن لم يحصل منه ما يوجب الكفر. ولأجل ذلك عبّر سبحانه بالفسق ليشمل الجميع ، ولم يبين جهته ، ولا ما يترتب على ذلك للتنبيه على