بعضهم لبعض ، بأن يبشر كل نبي سابق لنبي لاحق ويدعو الناس بالإيمان به ونصرته ، كما أن كل نبي لاحق ينوّه بالنبي السابق ويدعو إلى الايمان به ، كما قال تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) البقرة ـ ٢٨٥. وثالثة بينه تعالى وبين الأنبياء جميعا لسيد الأنبياء وخاتمهم ، كما في قوله تعالى في ما يأتي (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) ورابعة بين الله تعالى وجميع عباده مطلقا بالإيمان به ، والعمل بما أنزله على الأنبياء وجميع هذه المواثيق متلازمة يتقوم بعضها ببعض.
والميثاق الأول دليل اعتماد المعاهد (بالفتح) على نفسه من حيث انه مبعوث إلهي لا ينطق عن الهوى ، كما يوجب زيادة اعتماده على من يصدر عنه لاتصاله بالحي القيوم.
واما الثاني فلأن وحدة المعبود الحقيقي بالوحدة الحقة الحقيقة لا بد له من وحدة الداعي اليه ، والتقدم والتأخر الزماني وتعدد الأفراد لا اثر له في ذلك ، لأنه من لوازم هذا العالم المادي المبني على التكثر والتعدد. كما أن المرايا المتقابلات لشيء واحد لا يوجب تكثر ذلك الواحد ، وإن تكثرت المرايا.
واما الثالث : فلأن الغاية مقدمة في العلم وإن كانت متأخرة في الوجود خصوصا في مثل هذا الكمال المطلق الذي هو أصل الكمالات بل هو مرآة الكمال المطلق الأتم الأرفع.
وأما الأخير فلإتمام الحجة وإيضاح المحجة ، وقطع اعذار الناس لئلا يقولوا بانه لو كنا في غير هذا النحو من الوجود لآمنا بالله تعالى ولإظهار كمال قدرته عزوجل على كافة مراتب الوجود ، وجميع العوالم الممكنة ، وعالم الميثاق من اظهر عوالمه وقد تجلّت فيه قدرة الله