تلقّن ، ولا وجه له في العربية. واختلف السلف في تعيين هذه الكلمات وسيأتي. والتوبة : الرجوع ، يقال تاب العبد : إذا رجع إلى طاعة مولاه ، وعبد توّاب : كثير الرجوع ، فمعنى تاب عليه : رجع عليه بالرحمة ، فقبل توبته ، أو وفقه للتوبة. واقتصر على ذكر التوبة على آدم دون حواء مع اشتراكهما في الذنب ، لأن الكلام من أوّل القصة معه استمر على ذلك ، واستغنى بالتوبة عليه عن ذكر التوبة عليها لكونها تابعة له ، كما استغنى بنسبة الذنب إليه عن نسبته إليها في قوله : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) (١). وأما قوله : (قُلْنَا اهْبِطُوا) بعد قوله : (قُلْنَا اهْبِطُوا) فكرره للتوكيد والتغليظ. وقيل : إنه لما تعلّق به حكم غير الحكم الأوّل كرّره ولا تزاحم بين المقتضيات. فقد يكون التكرير للأمرين معا. وجواب الشرط في قوله (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) هو الشرط الثاني مع جوابه قاله سيبويه. وقال الكسائي : إن جواب الشرط الأوّل والثاني قوله : (فَلا خَوْفٌ) واختلفوا في معنى الهدى المذكور فقيل : هو كتاب الله ؛ وقيل التوفيق للهداية. والخوف : هو الذعر ، ولا يكون إلا في المستقبل. وقرأ الزهري والحسن وعيسى بن عمار وابن أبي إسحاق ويعقوب : (فَلا خَوْفٌ) بفتح الفاء ، والحزن : ضد السرور. قال اليزيدي : حزنه : لغة قريش ، وأحزنه لغة تميم. وقد قرئ بهما. وصحبة أهل النار لها بمعنى الاقتران والملازمة. وقد تقدّم ذكر تفسير الخلود.
وقد أخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله! أرأيت آدم نبيا كان؟ قال : «نعم ، كان نبيا رسولا ، كلّمه الله قال له : (يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ). وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله! من أوّل الأنبياء؟ قال : «آدم. قلت : نبيّ؟ قال : نعم ، قلت : ثم من؟ قال : نوح ، وبينهما عشرة آباء». وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه ، والبيهقي في الشعب ، نحوه من حديث أبي ذر مرفوعا وزاد «كم كان المرسلون؟ قال : ثلاثمائة وخمسة عشر جمّا غفيرا». وأخرج ابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم وصحّحه والبيهقي ، عن أبي أمامة الباهلي ، أن رجلا قال : «يا رسول الله! أنبيّ كان آدم؟ قال : نعم ، قال : كم بينه وبين نوح؟ قال : عشرة قرون. قال : كم بين نوح وبين إبراهيم؟ قال : عشرة قرون ، قال : يا رسول الله! كم الأنبياء؟ قال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ، قال : يا رسول الله كم كانت الرسل من ذلك؟ قال : ثلاثمائة وخمسة عشر جمّا غفيرا». وأخرج أحمد وابن المنذر والطبراني وابن مردويه من حديث أبي أمامة نحوه ، وصرّح : بأن السائل أبو ذرّ. وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصحّحه عن ابن عباس قال : ما سكن آدم الجنّة إلّا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي عنه قال : ما غابت الشمس من ذلك اليوم حتّى أهبط من الجنة. وأخرج الفريابي ، وأحمد في الزهد ، وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن قال : لبث آدم في الجنة ساعة من نهار ، تلك الساعة مائة وثلاثون سنة من أيام الدنيا. وقد روي تقدير اللبث في الجنة عن سعيد بن جبير بمثل ما تقدّم عن ابن عباس ، كما رواه أحمد في الزهد. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي وابن عساكر عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة قالوا : لما سكن آدم الجنة كان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليها ، فنام نومة فاستيقظ وإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها
__________________
(١). طه : ١٢١.