وانتصاب غرورا : على أنه نعت لمصدر محذوف ، أي : وعدا غرورا ، أو على أنه مفعول ثان ، أو مصدر على غير لفظه. قال ابن عرفة : الغرور : ما رأيت له ظاهرا تحبه وله باطن مكروه. وهذه الجملة اعتراضية. قوله : (أُولئِكَ) إشارة إلى أولياء الشيطان ، وهذا مبتدأ ، وخبره الجملة ، وهي قوله : (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ). قوله : (مَحِيصاً) أي : معدلا ، من حاص يحيص ؛ وقيل : ملجأ ومخلصا ؛ والمحيص : اسم مكان ، وقيل : مصدر. قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) إلخ ، جعل هذا الوعد للذين آمنوا مقترنا بالوعيد المتقدّم للكافرين. قوله : (وَعْدَ اللهِ حَقًّا) قال في الكشاف مصدران : الأوّل مؤكد لنفسه ، والثاني مؤكد لغيره ، ووجهه ، أن الأوّل مؤكد لمضمون الجملة الاسمية ومضمونها وعد ، والثاني مؤكد لغيره. أي : حق ذلك حقا. قوله : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) هذه الجملة مؤكدة لما قبلها ، والقيل : مصدر قال كالقول ، أي : لا أجد أصدق قولا من الله عزوجل ؛ وقيل : إن قيلا : اسم لا مصدر ، وإنه منتصب على التمييز.
وقد أخرج الترمذي من حديث عليّ أنه قال : ما في القرآن آية أحبّ إليّ من هذه الآية (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) قال الترمذي : حسن غريب. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن أبي مالك في قوله : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) قال : اللات والعزى ومناة ، كلها مؤنثة. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والضياء في المختارة عن أبيّ بن كعب في الآية قال : مع كل صنم جنية. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) قال : موتى. وأخرج مثله عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الحسن. وأخرج مثله أيضا عبد بن حميد ، وابن جرير عن قتادة. وأخرج سعيد ابن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر عن الحسن. قال : كان لكل حيّ من أحياء العرب صنم يعبدونها يسمونها : أنثى بني فلان ، فأنزل الله : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً). وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الضحاك : قال المشركون : إن الملائكة بنات الله ، وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ، قال : اتخذوهنّ أربابا ، وصوروهنّ صور الجواري ، فحلوا وقلدوا ، وقالوا : هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده : يعنون : الملائكة. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله : (وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ) إلخ ، قال : هذا إبليس يقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة. وأخرج ابن المنذر عن الربيع بن أنس مثله. وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة في قوله : (فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ) قال : التبتيك في البحيرة والسائبة ، يبتكون آذانها لطواغيتهم. وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن أنس : أنه كره الإخصاء وقال : فيه نزلت : (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ). وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن أبي شيبة ، والبيهقي عن ابن عمر قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن خصاء البهائم والخيل. وأخرج ابن المنذر ، والبيهقي عن ابن عباس قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن صبر الروح وإخصاء البهائم. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله : (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ)