نعلم أحدا أسنده غير محمد بن سلمة الحراني. ورواه يونس بن بكير وغير واحد عن محمد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلا ، لم يذكر فيه عن أبيه عن جدّه. ورواه ابن أبي حاتم عن هاشم بن القاسم الحراني عن محمد بن سلمة به ببعضه. ورواه ابن المنذر في تفسيره قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، يعني : الصانع ، حدّثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني ، حدثنا محمد بن سلمة ، فذكره بطوله. ورواه أبو الشيخ الأصبهاني في تفسيره عن محمد بن العباس بن أيوب ، والحسن بن يعقوب ، كلاهما عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني عن محمد بن سلمة به ، ثم قال في آخره : قال محمد بن سلمة : سمع مني هذا الحديث يحيي بن معين ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن أبي إسرائيل. وقد رواه الحاكم في المستدرك عن أبي العباس الأصم ، عن أحمد ابن عبد الجبار العطاردي ، عن يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق بمعناه أتم منه ، ثم قال : هذا صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه ابن سعد عن محمود بن لبيد قال : غدا بشير ، فذكره مختصرا ، وقد رويت هذه القصة مختصرة ومطوّلة عن جماعة من التابعين.
(وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً (١١٠) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١١١) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (١١٢) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (١١٣))
هذا من تمام القصة السابقة ، والمراد بالسوء : القبيح الذي يسوء به (أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) بفعل معصية من المعاصي ، أو ذنب من الذنوب التي لا تتعدى إلى غيره (ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ) يطلب منه أن يغفر له ما قارفه من الذنب (يَجِدِ اللهَ غَفُوراً) لذنبه (رَحِيماً) به ، وفيه ترغيب لمن وقع منه السرق من بني أبيرق أن يتوب إلى الله ويستغفره ، وأنه غفور لمن يستغفره رحيم به. وقال الضحاك : إن هذه الآية نزلت في شأن وحشي قاتل حمزة ، أشرك بالله وقتل حمزة ، ثم جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : هل لي من توبة؟ فنزلت. وعلى كل حال فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فهي لكل عبد من عباد الله أذنب ذنبا ثم استغفره الله سبحانه. قوله : (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً) من الآثام بذنب يذنبه (فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) أي : عاقبته عائدة عليه ، والكسب : ما يجر به الإنسان إلى نفسه نفعا أو يدفع به ضررا ، ولهذا لا يسمى فعل الربّ كسبا ، قال القرطبي. (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً) قيل : هما بمعنى واحد ، كرر للتأكيد. وقال الطبري : إن الخطيئة تكون عن عمد وعن غير عمد ، والإثم لا يكون إلا عن عمد ، وقيل : الخطيئة : الصغيرة ، والإثم : الكبيرة. قوله : (ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) توحيد الضمير لكون العطف بأو ، أو لتغليب الإثم على الخطيئة ، وقيل : إنه يرجع إلى الكسب. قوله : (فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) لما كانت الذنوب لازمة لفاعلها كانت كالثقل الذي يحمل ، ومثله : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) (١). والبهتان : مأخوذ من
__________________
(١). العنكبوت : ١٣.