آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله ، فقال : وعليك ورحمة الله وبركاته ، ثم جاء آخر فقال : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، فقال له : وعليك ، فقال له الرجل : يا نبي الله! بأبي أنت وأمي ، أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي؟ فقال : إنك لم تدع لنا شيئا ، قال الله : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) فرددناها عليك». وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة : «أنّ رجلا مرّ على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو في مجلس فقال : سلام عليكم ؛ فقال : عشر حسنات ، فمرّ رجل آخر فقال : السّلام عليكم ورحمة الله ، فقال : عشرون حسنة ، فمرّ رجل آخر فقال : السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال : ثلاثون حسنة». وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر مرفوعا نحوه. وأخرج البيهقي عن سهل بن حنيف مرفوعا نحوه أيضا. وأخرج أحمد ، والدارمي ، وأبو داود ، والترمذي ، وحسنه ، والنسائي ، والبيهقي عن عمران بن حصين مرفوعا نحوه أيضا ، وزاد بعد كل مرّة أن النبي صلىاللهعليهوسلم ردّ عليه ، ثم قال : عشر إلى آخره. وأخرج أبو داود ، والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني مرفوعا نحوه ، وزاد بعد قوله : وبركاته : ومغفرته : فقال : أربعون ، يعني : حسنة.
(فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (٨٨) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٨٩) إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (٩٠) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً (٩١))
الاستفهام في قوله : (فَما لَكُمْ) للإنكار ، واسم الاستفهام : مبتدأ ، وما بعده : خبره. والمعنى : أي شيء كائن لكم (فِي الْمُنافِقِينَ)؟ أي : في أمرهم ، وشأنهم حال كونكم (فِئَتَيْنِ) في ذلك. وحاصله : الإنكار على المخاطبين أن يكون لهم شيء يوجب اختلافهم في شأن المنافقين ، وقد اختلف النحويون في انتصاب فئتين ، فقال الأخفش والبصريون : على الحال كقولك : مالك قائما. وقال الكوفيون : انتصابه على أنه خبر لكان ، وهي مضمرة ، والتقدير : فما لكم في المنافقين كنتم فئتين. وسبب نزول الآية ما سيأتي ، وبه يتضح المعنى. وقوله : (وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ) معناه : ردّهم إلى الكفر (بِما كَسَبُوا) وحكى الفراء ، والنضر بن شميل ، والكسائي : أركسهم وركسهم ، أي : ردّهم إلى الكفر ونكسهم ، فالركس والنكس : قلب الشيء على رأسه ، أو ردّ أوله إلى آخره ، والمنكوس : المركوس ، وفي قراءة عبد الله بن مسعود وأبيّ : (والله