الله صلىاللهعليهوسلم وفيها أنه قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ألا واستوصوا بالنّساء خيرا ، فإنّما هنّ عوان (١) عندكم ، ليس تملكون منهنّ شيئا غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، فإن فعلن ، فاهجروهنّ في المضاجع ، واضربوهنّ ضربا غير مبرح (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً)». وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهم عن عبد الله ابن زمعة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد؟ ثم يجامعها في آخر اليوم».
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً (٣٥))
قد تقدّم معنى الشقاق في البقرة ، وأصله : أن كل واحد منهم يأخذ شقا غير شق صاحبه ، أي : ناحية غير ناحيته ، وأضيف الشقاق إلى الظرف لإجرائه مجرى المفعول به ، كقوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) وقوله :
يا سارق اللّيلة أهل الدّار
والخطاب للأمراء والحكام ، والضمير في قوله : (بَيْنِهِما) للزوجين ، لأنه قد تقدم ذكر ما يدل عليهما ، وهو ذكر الرجال والنساء (فَابْعَثُوا) إلى الزوجين (حَكَماً) يحكم بينهما ممن يصلح لذلك ، عقلا ، ودينا ، وإنصافا ، وإنما نص الله سبحانه : على أن الحكمين يكونان من أهل الزوجين ، لأنهما أقعد بمعرفة أحوالهما ، وإذا لم يوجد من أهل الزوجين من يصلح للحكم بينهما ؛ كان الحكمان من غيرهم ، وهذا إذا أشكل أمرهما ، ولم يتبين من هو المسيء منهما ؛ فأما إذا عرف المسيء ؛ فإنه يؤخذ لصاحبه الحق منه ، وعلى الحكمين أن يسعيا في إصلاح ذات البين جهدهما ، فإن قدرا على ذلك عملا عليه ، وإن أعياهما إصلاح حالهما ؛ ورأيا التفريق بينهما ؛ جاز لهما ذلك من دون أمر من الحاكم في البلد ، ولا توكيل بالفرقة من الزوجين. وبه قال مالك ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وهو مرويّ عن عثمان ، وعليّ ، وابن عباس ، والشعبي ، والنخعي ، والشافعي ، وحكاه ابن كثير عن الجمهور ، قالوا : لأن الله قال : (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) وهذا نص من الله سبحانه أنهما قاضيان ، لا وكيلان ، ولا شاهدان. وقال الكوفيون ، وعطاء ، وابن زيد ، والحسن ، وهو أحد قولي الشافعي : إن التفريق هو إلى الإمام أو الحاكم في البلد ، لا إليهما ، ما لم يوكلهما الزوجان ، أو يأمرهما الإمام والحاكم ، لأنهما رسولان شاهدان ، فليس إليهما التفريق ، ويرشد إلى هذا قوله : (إِنْ يُرِيدا) أي : الحكمان (إِصْلاحاً) بين الزوجين (يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) لاقتصاره على ذكر الإصلاح دون التفريق. ومعنى : (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) أي : يوقع الموافقة بين الزوجين حتى يعودا إلى الألفة وحسن العشرة. ومعنى الإرادة : خلوص نيتهما لصلاح الحال بين الزوجين ، وقيل : إن الضمير في قوله : (يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) للحكمين كما في قوله : (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً) أي :
__________________
(١). عوان : أصلها : عواني : جمع عانية وهي الأسيرة.