الشافعي. فعلى القول الأوّل : لا حدّ على الأمة الكافرة. وعلى القول الثاني : لا حدّ على الأمة التي لم تتزوج. وقال القاسم وسالم : إحصانها : إسلامها وعفافها. وقال ابن جرير : إن معنى القراءتين مختلف ، فمن قرأ : أحصنّ ، بضم الهمزة ، فمعناه : التزويج. ومن قرأ : بفتح الهمزة ، فمعناه : الإسلام. وقال قوم : إن الإحصان المذكور في الآية هو التزوج ، ولكن الحدّ واجب على الأمة المسلمة إذا زنت قبل أن تتزوّج بالسنة ، وبه قال الزهري. قال ابن عبد البر : ظاهر قول الله عزوجل يقتضي أنه لا حدّ على الأمة وإن كانت مسلمة إلا بعد التزويج ، ثم جاءت السنة بجلدها وإن لم تحصن ، وكان ذلك زيادة بيان. قال القرطبي : ظهر المسلم حمى لا يستباح إلا بيقين ، ولا يقين مع الاختلاف لو لا ما جاء في صحيح السنة من الجلد. قال ابن كثير في تفسيره : والأظهر والله أعلم أن المراد بالإحصان هنا : التزويج ، لأن سياق الآية يدل عليه حيث يقول سبحانه : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) إلى قوله : (فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) فالسياق كله في الفتيات المؤمنات ، فتعين أن المراد بقوله : (فَإِذا أُحْصِنَ) أي : تزوجنّ ، كما فسره به ابن عباس ومن تبعه ، قال : وعلى كلّ من القولين إشكال على مذهب الجمهور ، لأنهم يقولون : إن الأمة إذا زنت فعليها خمسون جلدة ، سواء كانت مسلمة ، أو كافرة ، مزوجة ، أو بكرا ، مع أن مفهوم الآية يقتضي : أنه لا حد على غير المحصنة من الإماء. وقد اختلف أجوبتهم عن ذلك ، ثم ذكر أن منهم من أجاب وهم الجمهور : بتقديم منطوق الأحاديث على هذا المفهوم ، ومنهم من عمل على مفهوم الآية ، وقال : إذا زنت ولم تحصن فلا حدّ عليها وإنما تضرب تأديبا. قال : وهو المحكي عن ابن عباس ، وإليه ذهب طاوس ، وسعيد بن جبير ، وأبو عبيد ، وداود الظاهري في رواية عنه ، فهؤلاء قدموا مفهوم الآية على العموم ، وأجابوا عن مثل حديث أبي هريرة ، وزيد بن خالد في الصحيحين وغيرهما : «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ قال : إن زنت فاجلدوها ، ثم إن زنت فاجلدوها ، ثم إن زنت فاجلدوها ، ثم بيعوها ولو بضفير» بأن المراد بالجلد هنا : التأديب ، وهو تعسف ، وأيضا قد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها. ثم إن زنت فليجلدها الحدّ». ولمسلم من حديث علي قال : «يا أيّها الناس أقيموا على أرقائكم الحدّ من أحصن ومن لم يحصن ، فإنّ أمة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم زنت فأمرني أن أجلدها». وأما ما أخرجه سعيد بن منصور ، وابن خزيمة ، والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس على الأمة حدّ حتّى تحصن بزوج ، فإذا أحصنت بزوج فعليها نصف ما على المحصنات من العذاب» فقد قال ابن خزيمة والبيهقي : إن رفعه خطأ ، والصواب وقفه. قوله : (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ) الفاحشة هنا : الزنا (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ) أي : الحرائر الأبكار ، لأن الثيب عليها الرجم ، وهو لا يتبعض ؛ وقيل : المراد بالمحصنات هنا : المزوّجات ، لأن عليهنّ الجلد والرجم ، والرجم لا يتبعض ، فصار عليهنّ نصف ما عليهنّ من الجلد. والمراد بالعذاب هنا : الجلد ، وإنما نقص حدّ الإماء عن حدّ الحرائر لأنهنّ أضعف ؛ وقيل : لأنهنّ لا يصلن إلى مرادهنّ كما تصل الحرائر ؛ وقيل : لأن العقوبة تجب على قدر النعمة ، كما في قوله تعالى : (يُضاعَفْ لَهَا