الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٢٤) وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٥) يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦) وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (٢٧) يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (٢٨))
قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) أي : نكاحهنّ ، وقد بيّن الله سبحانه في هذه الآية ما يحلّ وما يحرم من النساء فحرّم سبعا من النسب ، وستا من الرضاع والصهر ، وألحقت السنة المتواترة تحريم الجمع بين المرأة وعمتها ، وبين المرأة وخالتها ، ووقع عليه الإجماع. فالسبع المحرمات من النسب : الأمهات ، والبنات ، والأخوات ، والعمات ، والخالات ، وبنات الأخ ، وبنات الأخت. والمحرمات بالصهر والرضاع : الأمهات من الرضاعة ، والأخوات من الرضاعة ، وأمهات النساء ، والربائب ، وحلائل الأبناء ، والجمع بين الأختين ، فهؤلاء ست ، والسابعة : منكوحات الآباء ، والثامنة : الجمع بين المرأة وعمتها. قال الطحاوي : وكل هذا من المحكم المتفق عليه ، وغير جائز نكاح واحدة منهنّ بالإجماع إلا أمهات النساء اللواتي لم يدخل بهنّ أزواجهنّ ، فإن جمهور السلف ذهبوا إلى أن الأم تحرم بالعقد على الابنة ، ولا تحرم الابنة إلا بالدخول بالأم. وقال بعض السلف : الأم والربيبة سواء لا تحرم منهما واحدة إلا بالدخول بالأخرى. قالوا : ومعنى قوله : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) أي : اللاتي دخلتم بهن ، وزعموا : أن قيد الدخول راجع إلى الأمهات والربائب جميعا ، رواه خلاس عن عليّ بن أبي طالب. وروي عن ابن عباس ، وجابر ، وزيد بن ثابت ، وابن الزبير ، ومجاهد. قال القرطبي : ورواية خلاس عن عليّ لا تقوم بها حجة ، ولا تصح روايته عند أهل الحديث ، والصحيح عنه مثل قول الجماعة. وقد أجيب عن قولهم : إن قيد الدخول راجع إلى الأمهات والربائب : بأن ذلك لا يجوز من جهة الإعراب ، وبيانه : أن الخبرين إذا اختلفا في العامل لم يكن نعتهما واحدا ، فلا يجوز عند النحويين مررت بنسائك وهويت نساء زيد الظريفات ، على أن يكون الظريفات نعتا للجميع ، فكذلك في الآية لا يجوز أن يكون اللاتي دخلتم بهنّ نعتا لهما جميعا ، لأن الخبرين مختلفان. قال ابن المنذر : والصحيح : قول الجمهور : لدخول جميع أمهات النساء في قوله : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ). ومما يدل على ما ذهب إليه الجمهور : ما أخرجه عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي في سننه من طريقين : عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا نكح الرجل المرأة فلا يحلّ له أن يتزوّج أمّها دخل بالابنة أو لم يدخل ، وإذا تزوّج الأمّ فلم يدخل بها ثم طلّقها ، فإن شاء تزوّج الابنة» قال ابن