المقت : البغض ، من : مقته ، يمقته ، مقتا ، فهو : ممقوت ، ومقيت. قوله : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) هو استثناء منقطع ، أي : لكن ما قد سلف فاجتنبوه ودعوه ؛ وقيل : إلا : بمعنى بعد ، أي : بعد ما سلف ؛ وقيل : المعنى : ولا ما سلف ؛ وقيل : هو استثناء متصل من قوله : (ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) يفيد المبالغة في التحريم ، بإخراج الكلام مخرج التعلق بالمحال ، يعني : إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فانكحوا ، فلا يحلّ لكم غيره. قوله : (وَساءَ سَبِيلاً) هي جارية مجرى بئس في الذم والعمل ، والمخصوص بالذم محذوف ، أي : ساء سبيلا سبيل ذلك النكاح ؛ وقيل : إنها جارية مجرى سائر الأفعال ، وفيها ضمير يعود إلى ما قبلها.
وقد أخرج النسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن أبي أمامة بن حنيف قال : لما توفي أبو قيس بن الأسلت أراد ابنه أن يتزوج امرأته ، وقد كان لهم ذلك في الجاهلية ، فأنزل الله : (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً). وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية : في كبيشة بنت معمر بن عاصم من الأوس ، كانت عند أبي قيس بن الأسلت ، فتوفي عنها ، فجنح عليها ابنه ، فجاءت إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقالت : لا أنا ورثت زوجي ، ولا أنا تركت فأنكح ، فنزلت هذه الآية. وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن عبد الرحمن بن البيلماني في قوله : (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَ) قال : نزلت هاتان الآيتان إحداهما في أمر الجاهلية ، والأخرى في أمر الإسلام. قال ابن المبارك : (أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) في الجاهلية ، (وَلا تَعْضُلُوهُنَ) في الإسلام. وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله : (وَلا تَعْضُلُوهُنَ) قال : لا تضر بامرأتك لتفتدي منك. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد : (وَلا تَعْضُلُوهُنَ) يعني : أن ينكحن أزواجهن ، كالعضل في سورة البقرة. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : كان العضل في قريش بمكة : ينكح الرجل المرأة الشريفة فلعلها لا توافقه فيفارقها على أن تتزوج إلا بإذنه ، فيأتي بالشهود فيكتب ذلك عليها ويشهد ، فإذا خطبها خاطب فإن أعطته وأرضته أذن لها وإلا عضلها ، وقد قدمنا عن ابن عباس في بيان السبب ما عرفت. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) قال : البغض والنشوز ، فإذا فعلت ذلك فقد حل له منها الفدية. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة نحوه. وأخرج ابن جرير عن الضحاك نحوه أيضا. وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : الفاحشة هنا : الزنا. وأخرج ابن جرير عن الضحاك نحوه أيضا. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) قال : خالطوهنّ. قال ابن جرير : صحفه بعض الرواة وإنما هو خالقوهنّ. وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال. حقها عليك الصحبة الحسنة ، والكسوة ، والرزق المعروف. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) يعني : صحبتهن بالمعروف (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً) فيطلقها ، فتتزوج من بعده رجلا ، فيجعل الله له منها ولدا ، ويجعل الله في تزويجها خيرا كثيرا. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الخير الكثير : أن يعطف عليها ، فترزق ولدها ، ويجعل الله في ولدها خيرا كثيرا. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن السدي نحوه. وأخرج عبد ابن حميد عن الحسن نحو ما قال مقاتل. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ