والأئمة الأربعة ، وجمهور الخلف والسلف ، بل جميعهم. وقد حكى الإجماع غير واحد ، وورد في حديث مرفوع. انتهى. وروى أبو حاتم ، والأثرم عن أبي عبيدة أنه قال : الكلالة : كل من لم يرثه أب أو ابن أو أخ فهو عند العرب كلالة. قال أبو عمرو بن عبد البر : ذكر أبي عبيدة الأخ هنا مع الأب والابن في شرط الكلالة غلط ، لا وجه له ، ولم يذكره في شرط الكلالة غيره ، وما يروي عن أبي بكر وعمر : من أن الكلالة من لا ولد له خاصة فقد رجعا عنه. وقال ابن زيد : الكلالة : الحيّ والميت جميعا ، وإنما سموا القرابة : كلالة ، لأنهم أطافوا بالميت من جوانبه وليسوا منه ولا هو منهم ، بخلاف الابن والأب فإنهما طرفان له ، فإذا ذهبا تكلله النسب ؛ وقيل : إن الكلالة مأخوذة من الكلال ، وهو الإعياء ، فكأنه يصير الميراث إلى الوارث عن بعد وإعياء. وقال ابن الأعرابي : إن الكلالة بنو العم الأباعد. وبالجملة فمن قرأ يورّث كلالة بكسر الراء مشددة ، وهو بعض الكوفيين ، أو مخففة ، وهو الحسن وأيوب ، وجعل الكلالة : القرابة ، ومن قرأ : (يُورَثُ) بفتح الراء ، وهم الجمهور ، احتمل أن يكون الكلالة الميت ، واحتمل أن يكون القرابة. وقد روي عن علي ، وابن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وابن عباس ، والشعبي : أن الكلالة ما كان سوى الولد والوالد من الورثة. قال الطبري : الصواب : أن الكلالة : هم الذين يرثون الميت من عدا ولده ووالده ، لصحة خبر جابر : «فقلت : يا رسول الله! إنما يرثني كلالة ، أفأوصي بمالي كله؟ قال : لا». انتهى. وروي عن عطاء أنه قال : الكلالة : المال. قال ابن العربي : وهذا قول ضعيف لا وجه له. وقال صاحب الكشاف : إن الكلالة تطلق على ثلاثة : على من لم يخلف ولدا ولا والدا ، وعلى من ليس بولد ولا والد من المخلفين ، وعلى القرابة من غير جهة الولد والوالد : انتهى. قوله : (أَوِ امْرَأَةٌ) معطوف على رجل ، مقيد بما قيد به ، أي : أو امرأة تورث كلالة. قوله : (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) قرأ سعد بن أبي وقاص : من أمّ ، وسيأتي ذكر من أخرج ذلك عنه ، قال القرطبي : أجمع العلماء : أن الإخوة هاهنا هم الإخوة لأم قال : ولا خلاف بين أهل العلم أن الإخوة للأب والأم أو للأب ليس ميراثهم هكذا ، فدل إجماعهم على أن الإخوة المذكورين في قوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) هم الإخوة لأبوين أو لأب ، وأفرد الضمير في قوله : (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) لأن المراد : كل واحد منهما ، كما جرت بذلك عادة العرب ؛ إذا ذكروا اسمين مستويين في الحكم ؛ فإنه قد يذكرون الضمير الراجع إليهما مفردا ، كما في قوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) (١) وقوله : (يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) (٢). وقد يذكرونه مثنى ، كما في قوله : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما). وقد قدمنا في هذا كلاما أطول من المذكور هنا. قوله : (فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) الإشارة بقوله : (مِنْ ذلِكَ) إلى قوله : (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) أي : أكثر من الأخ المنفرد أو الأخت المنفردة بواحد ، وذلك بأن يكون الموجود اثنين فصاعدا ، ذكرين أو انثيين ، أو ذكرا وأنثى. وقد استدل بذلك : على أن الذكر كالأنثى من الإخوة لأم ، لأن الله شرّك بينهم في الثلث ، ولم يذكر فضل الذكر على الأنثى كما ذكره في البنين والإخوة لأبوين أو لأب. قال القرطبي : وهذا إجماع. ودلت الآية : على أن الإخوة لأمّ إذا استكملت بهم
__________________
(١). البقرة : ٤٥.
(٢). التوبة : ٣٤.