سائر المعاني التي تدخل في مسمّى النفس ، كالروح والدم والقلب.
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس : أنهم المنافقون من الأوس والخزرج ومن كان على أمرهم. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود أنه قال : والمراد بهذه الآية المنافقون. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن المنذر عن ابن سيرين قال : لم يكن عندهم شيء أخوف من هذه الآية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ). وأخرج ابن سعد عن حذيفة أنه قيل له : ما النفاق؟ قال : أن يتكلّم بالإسلام ولا يعمل به. وأخرج أحمد بن منيع في مسنده بسند ضعيف عن رجل من الصحابة : أن قائلا من المسلمين قال : يا رسول الله! ما النجاة غدا؟ قال : لا تخادع الله. قال : وكيف نخادع الله؟ قال : أن تعمل بما أمرك الله به تريد به غيره ، فاتّقوا الرياء فإنه الشرك بالله ، فإن المرائي ينادى يوم القيامة على رؤوس الخلائق بأربعة أسماء : يا كافر ، يا فاجر ، يا خاسر ، يا غادر ، ضلّ عملك وبطل أجرك ، فلا خلاق لك اليوم عند الله ، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له يا مخادع ، وقرأ آيات من القرآن (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) (١) الآية ، و (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ) (٢) الآية ، وأخرج ابن جرير عن ابن وهب قال : سألت ابن زيد عن قوله : (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا) قال : هؤلاء المنافقون يخادعون الله ورسوله ، والذين آمنوا : أنهم مؤمنون بما أظهروه. وعن قوله : (وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ). أنهم ضرّوا أنفسهم بما أضمروا من الكفر والنفاق. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : (يُخادِعُونَ اللهَ) قال : يظهرون لا إله إلّا الله يريدون أن يحرزوا بذلك دماءهم وأموالهم وفي أنفسهم غير ذلك.
(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠))
المرض : كل ما يخرج به الإنسان عن حدّ الصّحة من علة أو نفاق أو تقصير في أمر ، قاله ابن فارس. وقيل : هو الألم ، فيكون على هذا مستعارا للفساد الذي في عقائدهم إما شكا ونفاقا ، أو جحدا وتكذيبا ؛ وتقديم الخبر للإشعار بأن المرض مختص بها ، مبالغة في تعلّق هذا الداء بتلك القلوب لما كانوا عليه من شدّة الحسد وفرط العداوة. والمراد بقوله : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) الإخبار بأنهم كذلك بما يتجدد لرسول الله صلىاللهعليهوسلم من النعم ، ويتكرّر له من منن الله الدنيوية والدينية. ويحتمل أن يكون دعاء عليهم بزيادة الشك وترادف الحسرة وفرط النفاق. والأليم المؤلم : أي الموجع ، و «ما» في قوله : (بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) مصدرية : أي بتكذيبهم وهو قولهم : (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) والقرّاء مجمعون على فتح الراء في قوله : مرض ، إلا ما رواه الأصمعيّ عن أبي عمرو أنه قرأ بإسكان الراء ، وقرأ حمزة وعاصم والكسائي (يَكْذِبُونَ) بالتخفيف ، والباقون بالتشديد.
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) قال : شكّ (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) قال : شكّا. وأخرج عنه ابن جرير وابن أبي حاتم في قوله : (فِي قُلُوبِهِمْ
__________________
(١). الكهف : ١١٠.
(٢). النساء : ١٤٢.